الاثنين، 26 أبريل 2010

مفهوم المواطنة في الفكر العقائدي والفلسفي



حسين علي الحمداني

المواطنة هي التعبير الاجتماعي لعملية انتماء وعطاء الإنسان للواقع (الموقع الذي يعيش فيه)، وفي ظل تسارع التغيرات الذي يعيشها عالم اليوم في جوانب الحياة المختلفة (السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية)


فإن الحاجة تتطلب تحرير عدد من المصطلحات التي غالباً ما تكون عرضة للتساؤل خصوصاً أن شبكة الاتصال العالمية يزداد تأثيرها يوماً بعد يوم. ولعل مفهوم المواطنة من أكثر المصطلحات حاجة إلى الإثارة والمدارسة والفهم ومن ثم التجسيد، ذلك أن الانتماء حاجة متأصلة في طبيعة النفس البشرية، وإنسان من غير وطن ... تائه، والوطن من غير إنسان مهجور لا معنى له.ومن هنا تبرز أهمية مطارحة هذا (المفهوم) الحيوي لتحليل المركبات التي يتألف منها من جهة وكيفية رعايتها ومن ثم بحث طبيعة التأثير والتأثر والتفاعل المطلوبة من جميع مكونات هذا المعنى لتعزيز مقوماته الذاتية وإيجابية علاقاته الخارجية.

 وإذا كان الاجتماعيون يرون بأن المجتمع القوي في تضامنه هو مجتمع غني بالمواطنة، فإن تآكل المعاني المشتركة والمعتقدات العامة وبالتالي بروز الفردانية والمادية المفرطة هو علامة لتقلص المواطنة الفعلية.

  و إلى ذلك كان مهم أن تطرح هذه القضية للحوار، والأهم أن تتضح صورتها والأكثر أهمية أن نحياها في واقعنا.

فلسفة المواطنة ومفاهيمها

البحث عن معنى للانتماء بل  للحياة غريزة فطرية يحتاجها كل إنسان. وعادة ما يُنسب الإنسان لأبيه وأسرته ومن ثم لوطنه وعقيدته. ومع أن الواقع يبرز عدداً من (صراع الانتماءات) بين هذه الدوائر وغيرها،و يتعداه إلى خلق عدد من التوترات والمخاطر على المستوى الأسري والوطني بل والعالمي، فإن الحاجة اليوم أكثر إلحاحاً إلى نمذجة واعية لتأطير هذه الانتماءات وإبراز منظومة من التفاعل فيما بينها لتخدم كل واحدة منها الأخرى فيما يحقق مصلحة الجميع ورفاهيته.

ولا تزال مجموعة من المفاهيم في ساحتنا الثقافية والاجتماعية شائكة وغير منضبطة في وعي أفراد المجتمع ومؤسساته، ما يسبب خللاً في الممارسات السلوكية التي هي اليوم أحوج ما تكون إلى دور رائد وشجاع من العلماء والمفكرين ليحسموا ما أشكل فيها، ومن ثم يسهمون في تشكيل وعي المجتمع فيما يخدم علاقة الإنسان  بنفسه وبيئته وعالمه.ومن هنا يأتي مفهوم الوطنية/ المواطنة كأحد المفاهيم المهمة والمحتاجة إلى رؤية متزنة وحكيمة تنفي ما يتعلق بها من خلل (إفراطاً وتفريطاً) ولتؤكد من خلالها على المشـاركة الفاعلة والواعية خــدمة للمجتمع وتنميته.

مفهوم الوطنية/المواطنة وأبعاده الفلسفية

في تقديرنا أن الوطنية هي الإطار الفكري النظري للمواطنة. بمعنى أن الأولى عملية فكرية والأخرى ممارسة عملية. والمواطنة (مفاعلة) أي مشاركة. وبهذا يكتمل ويتكامل معنى التجريد بالتجسيد. وقد يكون الإنسان مواطناً بحكم جنسيته أو مكان ولادته أو غيرها من الأسباب لكن التساؤل: هل لديه (وطنية ) تجاه المكان الذي يعيش فيه؟. هل لديه انتماء وحب وعطاء.؟ ذلك هو المعنى الذي نحن بصدده.

  يشير عدد من الباحثين بأن مفهوم الوطنية/المواطنة اصطلاح حديث لا أن المعنى الذي تستهدفه الوطنية قد تناولته من قبل أفكار الفلاسفة والمفكرين الاجتماعيين. ويذكر البعض أن الاهتمام بهذا المصطلح قد نشأ مع ظهور الدولة الحديثة وحدودها الجغرافية والسياسية. ولفظ (مواطن) تعبير لم يظهر إلا بعد الثورة الفرنسية سنة(1789) أما قبلها فالناس  ملل وشعوب وقبائل لا يعتبر التراب – إلا تبعاً لشيء من ذلك- وسيلة من وسائل الارتباط.

الذي يبدو لنا من وجهة نظر خاصة أن الرسول محمداً (ص) كان أول من وضع المعنى الحقيقي لمفهوم المواطنة المسؤولة والمحدودة بحدود وضعها الرسول (ص)على جنبات المدينة المنورة كعلامات تقع مسؤولية من أخل بداخلها تحت دائرة حكم الإسلام  ومرجعيته، ويوضح ذلك دستور المدينة(صحيفة المدينة التي تعد مرجعية دستورية لسكان المدينة النبوية)..

وتعرض بنود صحيفة المدنية( 47 بنداً) مبادئ مهمة لفكرة المواطنة، حيث نصت على تكوين مفهوم الوطنية/المواطنة واحترام حقوقه وواجباته لكل من سكن المدينة مسلماً كان أو غير مسلم. إضافة إلى تحديد النطاق الجغرافي الذي يحاسب عليه أي إنسان اقترف جرماً داخل ما يسمى بجوف المدينة. كما تؤكد الصحيفة مفهوم النصرة المتبادلة بين سكان المدينة مسلمين وغيرهم ، وتعرض الصحيفة في مواضع مختلفة أن الاحتكام حين التشاجر والاختلاف هو لله ورسوله ما يعني تأكيد السيادة الشرعية. وتشتمل الصحيفة على آداب وتنظيمات كثيرة.

وتتعدد مفاهيم الوطنية وتعريفاتها فمنها ما يحمل معنى عاطفياً وانتماءً وجدانياً للمكان الذي ألفه الإنسان، ومنها ما يحمل معنى فكرياً يفضَّل فيه المكان على شريعة الرحمن ومنها ما يؤسس لمعنى قانوني يعبر عن واجبات المواطن وحقوقه تجاه وطنه. ونستعرض عددا من التعريفات منها: أن الوطنية تعني (العاطفة التي تعبر عن ولاء الإنسان لبلده)، والوطنية عند آخرين تعني تقديس الوطن وتقديمه في الحب والكره بل والقتال من أجله  حتى تحل الرابطة الوطنية محل الرابطة الدينية والوطنية في معناها القانوني الحديث تعني انتماء الإنسان إلى دولة معينة يحمل جنسيتها ويدين بالولاء لها. وتعرِّف الموسوعة العربية العالمية الوطنية بأنها  تعبير قومي يعني حب الشخص وإخلاصه للمواطنة بأنها عبارة عن مجموعة من الحقوق والواجبات يتمتع ويلتزم بها في الوقت ذاته كل طرف من أطراف هذه العلاقة, وقسم آخر يقول بأن المواطنة: تعبير عن جوهر الصِّلات القائمة بين دار الإسلام وبين من يقيمون في هذه الدار من مسلمين وذميين مستأمنين . ويضمِّن عدد من الكتاب مفهوم المواطنة أصول مفاهيم الإسلام حيث تستوجب عدم الإشراك بالله!! والتحلي بالصبر والصدق، و المواطنة هي صفة المواطن الذي يتمتع بالحقوق ويلتزم بالواجبات التي يفرضها عليه انتماؤه إلى الوطن , ويؤكدون بأن مفهوم المواطنة قانوني في المقام الأول ثم يؤكد بأن المواطنة هي أساس الشرعية ذلك أن مجموع المواطنين هم الذين يختارون حكومتهم عن طريق الانتخاب.وبالتالي لا يمكن أن نفهم المواطنة من غير تأسيس ديمقراطي في المجتمع.

من هنا يتبين من خلال هذه الجولة المختصرة لمفهوم الوطنية مدى تباين المفاهيم وسعة الاختلاف فيما بينها (رفضاً وقبولاً) مما يؤكد الحاجة إلى طرحها للنقاش للوصول إلى فهم أكثر عمقاَ وواقعية علمية ذلك أن هناك من يتحدث عن المفهوم – كما تبين- ويخلط بينه وبين مفاهيم العقيدة والشريعة الإسلامية ومنهم من يجعله عقيدة في ذاته إلى غير ذلك مما سبق طرحه. والملاحظة المهمة إزاء ذلك كله أن هناك من يتحدث دون تخصص من جهة ويلغي من حساباته أحياناً اختلاف البلاد وأنظمتها وسياساتها وخصوصياتها من جهة واختلاف استخدام المفاهيم والمصطلحات العلمية وما يترتب عليه من جهة أخرى.

وتتراوح طروحات الغربيين بين رؤى تختصر العلاقة بين الفرد ودولته إلى أدنى درجة ممكنة وبين أخرى ترى أن الفرد لا يعني شيئاً أمام دولته، ففي الأولى لم توجد الدولة إلا من أجل الفرد وفي الأخرى لم يوجد الفرد إلا لخدمة دولته.

ويعتمد منظرو فلسفة المذهب الفردي أمثال (جون لوك) و(جان جاك روسو) على أساس الاعتراف بحقوق الإنسان وحرياته العامة باعتبارهما حقوقاً طبيعية لكل فرد وليست مكتسبة، ومهمة الدولة احترام وضمان تلك الحقوق.

وإذا كان المذهب الفردي يتجه إلى المساواة النظرية بين أفراده فإن الواقع الفعلي يؤكد عدم تساوي الأفراد في ظروفهم وقدراتهم وبالتالي فإن (البقاء للأصلح) كمبدأ يتبناه هذا الاتجاه لا يتفـق مع القيم الإنسانية والشرائع السماوية بل ويهدم حقيقة المواطنة الحقة ، ذلك أن هذا التوجه الفكري يرسخ سلبية الانتماء للمجموع وبالتالي يعزز الأنانية ويعمق الفصل بين الأفراد ودولتهم.

وفي مقابل الجدل القائم لضمان مجتمع آمن ومستقر من خلال مواطنة عادلة ومسؤولة، يطرح المذهب الاشتراكي أنه لا معنى للحرية الفردية في ظل صراع المصالح الخاصة للطبقة الرأسمالية وما جدوى الحرية المضمونة بالدستور إذا كان الإنسان لا يجد الحماية من المخاطر والابتزاز بل وما فائدة حرية العمل إذا كان المواطن يترك فريسة للبطالة ما يضطره إلى التنازل عن حريته وكرامته ليواجه شروطاً حياتية صعبة.

وهكذا يطرح هذا التوجه أساس فكرة المواطنة على أن الدولة مسؤولة عن الفرد ابتداءً وانتهاءً فلا مظهر لملكية فردية فالكل يخدم الدولة والدولة تحدد دخول الأفراد حسب الحاجة وتشرف على الإنتاج ونوع المنتج وتلحق الإفراد جميعاً في خدمة الدولة سعياً لمحو الطبقية وتحقيقاَ للمساواة (هكذا يظنون!). وكان من رواد هذا التوجه (فرنسوا فريبيه، وروبرت أوين) ولكن الشخص الذي ارتبط اسمه بهذا التوجه الفكري هو  ( كارل ماركس).

وترتكز فلسفة هذا الفكر على إلغاء الملكية الفردية الذي يُعتقد أنها الباعث الحقيقي لعملية الصراع الاجتماعي. ولذلك اعتمدت على مبدأ العمل للدولة فقط وفق شعار(من كل حسب طاقته ولكل بحسب حاجته).

وإذا كان التوجه الاشتراكي ينزع إلى محو طبقة الرأسمالية وتحكمها في سير الأمور، فإنه في الوقت ذاته خلق تسلطاً أكثر قسوة وبطشاً من خـلال سلطة الحكومة.

وهكذا تتراوح الرؤى والفلسفات في الغرب بشكل ينقض بعضه بعضاً من أجل خلق مواطنة فاعلة ومنتجه ومسؤولة.

وإذا كان الفكر الاشتراكي قد استنفد أغراضه وتساقط فإن التخوف قائم ومشاهد لدى كثير من المفكرين الاجتماعيين على أن الغرب الليبرالي هو في الطريق إلى ذلك. ويعزو المفكر المستقبلي (اينشارد ابكرسلي) التفكك الاجتماعي في الغرب إلى الفشل في إعطاء " معنى وانتماء وهدفٍ لحياتنا، وعدم وجود إطار عمل لقيمنا، وبتجريدنا من معنى أوسع لحياتنا، فقد دخلنا في حقبة يتزايد فيها انشغالنا بذاتنا بشكل مرض.

   إشكالية الإسلامية والوطنية

استجابة التشريع الإٍسلامي لسنن الحياة الاجتماعية أمر جلي وواضح، لكن استجابتنا نحن أو تقديرنا للمسألة الاجتماعية محل النقاش قد يشوبها خلل وذلك الذي يحتاج إلى مدارسة ونقاش. وهنا فالإسلام يعترف بعملية الانتماء الاجتماعي للأسرة (ادعوهم لآبائهم) والقبيلة (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا) والدولة (وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه) وجعلها أحد مقاصد الحياة الاجتماعية. ونسب القرآن الرجل لبلاده، ولكنه في الوقت ذاته أكد على لسان رسوله (ص)أنه(ليس منا من دعا إلى عصبية) أو جاهلية أو قومية وأحداث السيرة مليئة بشواهد كثيرة في هذا المعنى.

 لكن المسألة المهمة هنا هي أن تجاوز الناس لحدود معنى القبلية أو العصبية أو الإقليمية لا يعني إبطال مفعولها إسلاميا وفطرياً، ذلك أن الإسلام لم يأت ليمنع ما فُطر عليه الناس لكن ليهذب ذلك المعنى وذلك السلوك.

وما أكثر ما تنتهك الوطنية/المواطنة في مختلف المجتمعات بسبب العصبية والعنصرية والقبلية والإقليمية والزمالة..الخ وكل ذلك من خروقات تقع على الوطنية الحقيقية وسمة جاهلية كما عبر عن ذلك الرسول (ص) للصحابي الذي تلفظ – مخطئاً-    ( بابن السوداء)!.. ذلك أن السواد والبياض ليسا صنعة بشرية وإنما إرادة إلهية ، ومن يستنقص الخلق فإنما يتجرأ على الخالق. ومن يقدِّم من لا يستحق على من يستحق فإنما يخرق الوطنية ويبوء بإثم كل واحد حُرم من قدرات ومهارات من كان أهلاً لذلك المكان.

الحقيقة التي لاشك فيها هي أن الإسلام يؤكد إعلاء الرابطة الدينية على كل رابطة سواها، سواء أكانت رابطة نسبية أم إقليمية أم عنصرية، فالمسلم أخو المسلم، والمسلم أقرب إلى المسلم من أي كافر بدينه، يسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم، وهذا ليس في الإسلام وحده بل طبيعة كل دين وكل عقيدة. والوحدة المطلوب تبنيها على مستوى العقيدة غير تلك المطلوبة على مستوى الوطن فالأولى أرقى وأسمى من أن تحدُّها الحدود والأخرى بطبيعتها ووظيفتها لها حدود.

والفكر الذي نستشعر أهمية مراجعته هو القبول بالجملة أو الرفض بالجملة للوقائع والمسائل والمستجدات الحادثة، ولذلك فنحن اليوم أحوج ما نكون إلى (منهج يعتمد على التفصيل في الأشياء والموازنة بين الأمور) وذلك منهج شرعي نحتاج إلى مدارسته وتجسيده .

ومن هنا فالفهم الذي نريد التأسيس له وتأصيله هو أن الحدود الواقعية معتبرة وأن وحدة الأمة عالمياً لا تتنافى وخصوصيتها وطنياً، فلكلٍّ أهميته واعتباره وآثاره لكن نفي أي منها لصالح الآخر يعكس تقصيراً في استدراك حقائق الوطنية وأبعادها ومقاصدها من جهة والشريعة الإسلامية من جهة أُخرى.

مفهوم المواطنة في النظام الديمقراطي إعداد : ليث زيدان


التربية المواطنية )
إعداد : ليث زيدان
Laithz73@hotmail.com

المقدمة :


كنت في إحدى الليالي اتصفح كتيب صغير صادر عن برنامج الماجستير في الديمقراطية و حقوق الإنسان في جامعة بيرزيت ، و استوقفني سؤال تحدث عنه الدكتور نصير عاروري الذي قال بان الديمقراطية جاءت لتجيب على سؤال هو :- من الذي يجب أن يحكم ؟ فوقفت عن القراءة لفترة وجيزة قبل أن استشعر ما يحمله هذا السؤال من معنى و ما يحتويه من عناصر ، ففي هذا السؤال نستخلص عنصرين أساسيين هما الحاكم الذي سيحكم والمحكومين الذين سيخضعون للحكم ، وهذين العنصرين يشكلان بطبيعة الحال الشعب أو هيئة المواطنين ، فالحاكم بالتأكيد مواطن من هيئة المواطنين وسيخرج من بينهم ويحكم بناءاً على اختيارهم في ظل عملية ديمقراطية حقيقية ، وكنتيجة منطقية أستطيع القول بان عصب العملية الديمقراطية يتمثل بهيئة المواطنين ، فمن خلالهم تتم العملية الديمقراطية ، واليهم تصب هذه العملية ، وبدونهم لا معنى للديمقراطية ولا يمكن تحقيقها ، فمن خلال هيئة المواطنين يتم اختيار النظام الذي سيحكمهم و اختيار الشخص الذي سيحكمهم و يمثل مصالحهم و من خلالهم تتم المشاركة الفعالة في إدارة الحياة العامة واتخاذ القرارات التي تشكل بجملها المعنى الحقيقي للديمقراطية ، فبدون الاعتراف بهيئة المواطنين وبأهمية دورهم يكون الحديث عن الديمقراطية كما الحديث عن العنقاء ذلك الطير الخيالي و تكون نسيج من الأوهام وشعارات لا يراد بها سوى تحقيق مصالح الفئة الحاكمة و المستفيدة التي تسعى بالدرجة الأولى إلى أن تستمر في حكمها بدون منازع ، لذا فأنا اعتقد بان مفهوم المواطنة الذي تستمد منه هيئة المواطنين في أي مجتمع قوتها ووجودها هو الركيزة الأولى والمبدأ الأساسي لأي نظام يعتبر نفسه ديمقراطياً وبدونه لا تتحقق الديمقراطية بمفهومها الحقيقي .


** فرضية الدراسة :


من خلال ما تقدم أرى بان مفهوم المواطنة الذي يكون هيئة المواطنين هو أساس العملية و لبنتها الأساسية ، ولكن هل يولد الإنسان مواطناً ؟ ومتى يصير الفرد مواطناً مستنيراً ؟ فعلى الرغم من ان المواطنة لا تعتمد على مبادئ عامة و على الرغم من انها لا تحمل معناً واحداً ثابتاً متفقاً عليه ، إلا أنها تحتوي على مبدأ أساسي وعنصر حيوي هو الانتماء الذي لا يمكن أن يتحقق بدون التربية المواطنية ، فهي ضرورية لتحقيق مفهوم ومعنى المواطنة الحقيقية وبدونها يبقى الفرد مواطناً تابعاً ليس اكثر ، فالمواطنة لا تعرف كجوهر بقدر ما تمارس على ارض الواقع فكيف لها أن تتحقق بدون فهم واضح لمعناها وما يترتب عليها ، وبالتالي كيف لها أن تتحقق بدون التربية المواطنية ! و هذا كله يجعلني اسأل سؤالي الأخير و هو عقدة الفرضية ، ما الذي يجعل التربية مهمة لتحقيق المواطنة ؟


أهمية الدراسة :


تنبع أهمية هذه الدراسة من الأهمية الخاصة التي يتمتع بها مفهوم المواطنة الذي يعتبر أساس الديمقراطية ، فطالما ان قلب الديمقراطية تكمن في مشاركة هيئة المواطنين في صنع القرارات الحكومية و طالما ان روح الديمقراطية تكمن في مقدرة المواطنين العاديين على محاسبة مسؤولي الحكومة على أعمالهم . فكيف يمكن حماية قلب الديمقراطية بدون تحقيق و فهم المواطنة داخل المجتمع بشكل حقيقي وفعال ؟


لذلك رأيت أن الحديث عن مفهوم المواطنة يجب أن يسبق الحديث عن الديمقراطية كمفهوم لان الديمقراطية لا يكمن زراعتها في مجتمع ما بدون فهم واضح وتطبيق عملي لمبدأ المواطنة داخل هذا المجتمع ، فكيف يمكن ان تكون هنالك ديمقراطية بدون مواطنين وبالتالي بدون مواطنة؟ فالديمقراطية تصبح حقاً مكتسباً فيما لو تحققت مبادئها داخل المجتمع ، وفي نفس الوقت كيف يمكن الحديث عن مواطنة داخل مجتمع معين بدون فهم حقيقي لما تحمله هذه الكلمة من معنى وما يترتب عليها من حقوق وواجبات وما ينتج عنها من تحقيق لمبادئ أخرى داعمة للديمقراطية مثل الحقوق والحريات المدنية ومبدأ المساواة وغيرها من المبادئ وهنا تبرز أهمية هذه الدراسة .


هدف الدراسة وأسلوبها :


تهدف هذه الدراسة إلى بيان المعنى الحقيقي لمفهوم المواطنة و التعرف على الاساس الذي يعتبر الفرد مواطناً في الدولة ، و الحقوق والواجبات المترتبة على المواطنة و العلاقة بين التربية والمواطنة بحيث يتم التوصل الى فهم واضح للمعنى الحقيقي للمواطنة وترسيخها بداخل النفس وهذا الفهم الواضح للمواطنة سيؤدي بالضرورة إلى أن يكون هنالك مصالحه مع الذات أولا ومصالحه مع الآخرين ثانياً وتحقيق الانتماء الوطني .


سأستخدم في دراستي هذه الأسلوب التحليلي المنطقي الذي آمل آن يؤدي إلى فهم واضح لهذه الدراسة .


- اود أن أشير أنني عندما اتحدث عن الدولة في هذه الدراسة ، انما اقصد بها دولة مستقلة السيادة ، حرة ، قرارها بيدها بدون تدخل اجنبي ولا باي شكل من الأشكال ، فأنا اتفق تماماً مع الدكتور محمد حسنين هيكل عندما قال بان " ليس هناك ديمقراطية في وطن اذا كان الوطن نفسه يفتقد حريته " (1)


مخطط الدراسة :


تتكون هذه الدراسة من فصلين ، يتحدث الفصل الأول عن مفهوم المواطنة في النظام الديمقراطي من خلال تعرضه للمحة تاريخية عن مفهوم المواطنة ، و الحديث عن مفهوم المواطنة من خلال تعريف المواطنة و معنى المواطنة وما يترتب عليها والأسس التي تقوم عليها المواطنة و الكيفية التي من خلالها تمنح المواطنة ، الحقوق الأساسية للمواطنة الديمقراطية ، والواجبات الأساسية المترتبة على المواطنة الديمقراطية ، ويتحدث الفصل الثاني عن التربية و علاقتها بتحقيق معنى المواطنة من خلال الحديث عن تعريف التربية المواطنية ، والذي يجعل التربية مهمة لتحقيق المواطنة وشروط التربية المواطنية . يتبع بعد ذلك خلاصة لهذه الدراسة وخاتمة


(1) اشكاليات تعثر التحول الديمقراطي في الوطن العربي / مؤسسة مواطن ص11



تعريف المصطلحات الواردة في الدراسة :


* الديمقراطية : نظرية سياسية تكون بموجبها الحكومة منتخبة من الشعب انتخاباً مباشراً او غير مباشر ، مع إجراء انتخابات حرة بصورة متواصلة ، وتكون الفرصة متاحة امام جميع المواطنين للمشاركة فيها (1)


والنظام الديمقراطي نظام سياسي تكون الفرصة فيه للمشاركة في اتخاذ القرارات السياسية العامة متاحة أمام جميع المواطنين البالغين السن القانونية .


* الدستور : القانون الاسمي الذي يحدد المبادئ الأساسية العامة المتعلقة بالسلطة السياسية و نظام السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وحقوق الدولة والأفراد (2)


* الدولة :- تجمع بشري يقيم على وجه الدوام بنية الاستقرار فوق إقليم معين وتقوم بينهم سلطة سياسية تتولى تنظيم العلاقات داخل هذا المجتمع .كما تتولى تمثيله في مواجهة الآخرين (3)


* القانون :- مجموعة القواعد والأنظمة والتعليمات الصادرة عن الدولة او الهيئات الرسمية لتنظيم العيش ، وتحكم سلوك الأفراد في المجتمع الذين يتعين عليهم احترامها والالتزام بها و الخضوع لها (4)


* قانون الأرض :- وهو القانون الذي يعطي الفرد الحق في الحصول على جنسيته بموجب مكان ولادته بغض النظر عن الجنسية التي يحملها والداه (5)


* قانون الدم :- وهو القانون الذي يعطي الشخص الحق عند الولادة في الحصول على جنسية والده (6)


* التربية :- هي عملية ذات مضمون ومنهج . آما المضمون فهو" المعرفة " و " كل ما هو ذو قيمة " في حين أن المنهج يجب ان يتيح لمتعلم ان يدرك (يفهم ) ما يتعلمه . (7)


* المواطن :- هو الإنسان الذي يستقر بشكل ثابت بداخل الدولة أو يحمل جنسيتها ويكون مشاركاً في الحكم ويخضع للقوانين الصادرة عنها فيتمتع بشكل متساوي مع بقية المواطنين مجموعة من الحقوق ويلتزم بأداء مجموعة من الواجبات اتجاه الدولة .


_____________


(1) المدخل إلى النظام السياسي الأردني د. محمد الدجاني د. منذر الدجاني ص441


(2) نفس المرجع السابق ص439


(3) التنظيم الدولي د. محمد سعيد الدقاق ص43


(4) ًالمدخل إلى النظام السياسي الأردني د.محمد الدجاني د. منذر الدجاني ص 444


(5) السياسة نظريات ومفاهيم د. محمد الدجاني د. منذر الدجاني ص 195


(6) نفس المرجع السابق ص195


(7) التربية و الديمقراطية د. رجا بهلول ص 27


الفصل الأول :- مفهوم المواطنة في النظام الديمقراطي


اولاً :- لمحة تاريخية عن مفهوم المواطنة :-


يعتبر تاريخ مفهوم المواطنة قديماً يعود إلي زمن الديمقراطية المباشرة الإغريقية التي تعتبر أساس ديمقراطية عالم اليوم ، حيث يرجع أصل استعمال مفهوم المواطنة الى الحضارتين اليونانية والرومانية ، فقد استعملت الألفاظ civis ( المواطن ) civitas ( المواطنة ) في هاتين الحضارتين لتحديد الوضع القانوني والسياسي للفرد اليوناني والروماني .


كانت الديمقراطية اليونانية القديمة مبنية على أساس أن المدينة تحكم من اجل الأكثرية والحرية هي مبدأ الحياة العامة وكانت الحكومة اليونانية في طابعها دولة مدنية ، وكانت الروابط بين المواطنين فيها وثيقة بدرجة كبيرة بسب القرابة والصداقة والجيرة التي كانت تجمعهم ،واشتراكهم في الحياة العامة اليومية ، وكانت تجمعهم لغة واحدة ودين عام ، و كانت تجمعاتهم ومباحثاتهم تتم في ساحة السوق وبالتالي كان المواطنين يقضون معظم وقتهم في المدنية وهذا كله أدى إلى أن يكون ولاء المواطن اليوناني لدولة المدينة وليس لمجموعة معينة أو لعائلته أو لعشيرته أو لبلدته . كانت المواطنه اليونانية حقاً وراثياً محصوراً في أبناء أثينا من الرجال ولم تكن الإقامة مؤهلاً يعتد به لنيل حق المواطنة فقد استثني من حق المواطنة الغرباء المقيمين والأطفال والنساء والعبيد المحررين وغير المحررين فقد كانوا جميعاً محرومين من الحق في المواطنة لذلك كان عدد المواطنين من سكان اثينا الذين كانوا يبلغون ما بين 300 ألف _ 400 ألف رجل ، كان عدد المواطنين منهم يتراوح ما بين 20 ألف _ 40 ألف رجل فقط كانت المواطنة في الدولة الاثينية اكبر من مجرد حق في الاقتراع فقد كانت مسؤولية تتضمن حق المشاركة في حكم المدينة اليونانية بشكل فعلي ،أو على الأقل حضور الاجتماع الذي كان يعقد في المدينة للتباحث في شؤون الحياة العامة (1)


وبالنظر إلى طبيعة عمل الديمقراطية المباشرة التي كانت سائدة في المجتمع اليوناني القديم نجد ان المواطنين تمتعوا بحقوق عديدة بشكل متساوي ، فكان هنالك مساواة بين المواطنين جميعاً في الحق في المشاركة في عمليات الحكم و الحق في عضوية عدد من الهيئات الحاكمة في المدينة الاثينية وهي جمعية المواطنين و المجلس والمحاكم ، ففي جمعية المواطنين التي كانت تمثل السلطة العليا التي تمثل إرادة الشعب وتقوم ببحث مسائل السياسة الداخلية والخارجية واتخاذ القرارات والإشراف على الإدارة والقضاء ، وكان يحق لكل اثيني رجل تعدى الثلاثين من عمرة - وهو سن الأهلية في ذلك الوقت - أن يحضر الاجتماع وله حرية الكلام فيها والتعبير عما يجول في خاطرة والمناقشة في جدول الأعمال المطروح بكل حرية ، وكذلك في المجلس وهو القوة


(1) الديمقراطية ، دوروثي بيكلس ص 32


التنفيذية أو اللجنة الموجهة ويضع لجمعية المواطنين جدول أعمالها وينظم عملها ويشرف على العمل الإداري وكان يتألف من خمسمائة عضو يختارهم المواطنون سنوياً بالقرعة من أقسام اثينا المختلفة بحسب حجمها ويجب أن يكون العضو اثيني رجل تعدى الثلاثين من عمره ولا يسمح بالخدمة لاكثر من سنتين وأما المحاكم ( هيئة المحلفين ) فقد كانت مؤلفة من ستة آلاف من المواطنين يختارون سنوياً بالقرعة ، هذا بالإضافة إلى عشرة جنرالات تنتخبهم هيئة المواطنين جمعياً لقيادة الجيش والأسطول والأشراف على الدفاع والسياسة الخارجية بصورة عامة ولا يحتلون مناصب مدنية (1 )


مما تقدم نلاحظ انه على الرغم من قصور مفهوم المواطنة على أبناء اثينا من الرجال واستثاء الفئات الأخرى التي تم ذكرها سابقاً وعلى الرغم من عدم تغطية مفهوم المواطنة لبعض الجوانب مثل المساواة الاجتماعية مثلاً ، على الرغم من ذلك كله فقد تحققت المساواة السياسية على قاعدة المواطنة بين من تم اعتبارهم مواطنين حسب مفهوم المواطنة الاثينية ، بمعنى أن المواطنين جميعاً كانت لهم الحقوق والواجبات السياسية نفسها ، والمساواة في تولي الوظائف العامة ، ولم تكن هذه الحقوق مجرد حقوقاً نظرية بل كانت مطبقة بالفعل على ارض الواقع ولم تكن الوظائف السياسية وقفاً على أصحاب الثروات ومالكين الأراضي ، واصحاب المكانه الاجتماعية ، فقد كانت حقاً لابسط مواطن اثيني وعلى الرغم من توفر المساواة السياسية إلا أن المساواة الاجتماعية لم تكن متوفرة بين جميع المواطنين في المجتمع الاثيني القديم ، فكانت هناك طبقات متفاوتة في المجتمع اليوناني هذا بالإضافة الى وجود طبقة العبيد على الرغم من أنه لم يكن هناك عزل اجتماعي بين الأحرار والعبيد .


تطور مفهوم المواطنه في ظل الإمبراطورية الرومانية بعد أن كان حقاً وراثياً لابناء روما وذلك بعد صدور مرسوم إمبراطوري باسم consitutio Antoniniana في سنة 212 ميلادية حيث توسع حق المواطنة بحيث شمل جميع أراضي الإمبراطورية الرومانية واقطارها وحصل سكانها من الذكور باستثناء العبيد على حق المواطنة الرومانية (2) وبعد ذلك تراجع مفهوم المواطنة بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية ، وفي فترة الإقطاع وحتى نهاية العصور الوسطى التي امتدت بين 300_ 1300 ميلادية ، كانت المواطنة في أوربا حقاً محصوراً لما لكي الاراضي وبحسب الوضع الاجتماعي والسياسي للفرد .


تطور مفهوم المواطنة بعد ذلك لتأثره بحدثين مهمين هما إعلان استقلال الولايات المتحدة في عام 1776 ، والمبادئ التي أتت بها الثورة الفرنسية في عام 1789 فكانا نقطة تحول تاريخية في


(1) الديمقراطية ، دوروثي بيكلس ص 36


(2) ما هي المواطنة ، نبيل الصالح ص 17


مفهوم المواطنة من خلال ما جاء به إعلان الاستقلال من ان الناس جميعاً ولدوا متساوين وان لهم حقوقاً أصيلة فيهم منذ خلقهم وان الشعب هو صاحب السيادة وهو ما جاءت به مبادئ الثورة الفرنسية ، فاصبح أساس مفهوم المواطنة مبني على فكرة الشعب صاحب السيادة ، وفكرة وجود حقوق أساسية للفرد كأنسان أولا وكمواطن من أبناء الشعب ثانياً .


بقي مفهوم المواطنة في تطور مستمر خلال القرون السابقة منذ نهاية القرن الثامن عشر الى وقتنا الحاضر ، وكان تطوره متزايداً على اعتبار ان الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة ووجود حقوق أساسية للإنسان فاصبح مفهوم المواطنة حقاً غير منازع فيه ، وامتد ليشمل فئات مواطنين لم تكن تتمتع بحق المواطنة مثل النساء ، فاصبحن يتمتعن بحق المشاركة السياسية في اتخاذ القرارات الجماعية إلا أن ذلك لم يكن إلا في القرن العشرين ففي بريطانيا لم تحصل النساء على حق الانتخاب إلا في عام 1929 وفي فرنسا في عام 1945 . وتعددت أبعاد مفهوم المواطنه فشملت الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية ولم تقتصر على الجوانب السياسية والقانونية (1).


ثانياً : مفهوم المواطنه :


لتحديد مفهوم المواطنه يجب ان اشير الى :


1- تعريف مفهوم المواطنة . 2. معنى المواطنة وما يترتب عليها .
3.الأسس التي تقوم عليه المواطنة . 4. في كيف تمنح المواطنة .
(1) تعريفات لمفهوم المواطنة :

المواطنة كلمة عربية استحدثت للتعبير بها عند تحديد الوضع الحقوقي والسياسي للفرد في المجتمع ، ففي اللغة المواطنة ( المنزل تقيم به وهو موطن الإنسان ومحله ) حسب ابن منظور في لسان العرب (2) ، فالمواطن حسب هذا التعريف هو الإنسان الذي يستقر في بقعة ارض معينة وينتسب إليها ، أي مكان الإقامة أو الاستقرار أو الولادة أو التربية .


عرفت دائرة المعارف البريطانية المواطنة ( citizenship ) بأنها (علاقة بين فرد ودولة كما يحددها قانون تلك الدولة وبما تتضمنه تلك العلاقة من واجبات وحقوق في تلك الدولة ، والمواطنة تدل ضمناً على مرتبة من الحرية مع ما يصاحبها من مسؤوليات ، وهي على وجه العموم تسبغ على المواطنة حقوقاً سياسيةً مثل حق الانتخاب وتولي المناصب العامة) .


وعرفت موسوعة الكتاب الدولي المواطنه بانها ( عضوية كاملة في دولة او في بعض وحدات الحكم ، وان المواطنين لديهم بعض الحقوق ، مثل حق التصويت وحق تولي المناصب العامة وكذلك عليهم بعض الواجبات مثل واجب دفع الضرائب والدفاع عن بلدهم )


وعرفت موسوعة كولير الأمريكية بأنها (اكثر أشكال العضوية في جماعة سياسية اكتمالاً ) (3)


(1) المواطنة والديمقراطية في الوطن العربي ، د.علي الكواري ص 117 مجلة المستقبل العربي


(2) المواطنية في التاريخ العربي الإسلامي ، د. هيثم مناع ص 5


(3) المواطنة والديمقراطية في الوطن العربي ، د. علي الكواري ص 118 مجلة المستقبل العربي


لم تُميز موسوعة الكتاب الدولي وموسوعة كولير الأمريكية بين مصطلح المواطنة ومصطلح الجنسية كما فعلت دائرة المعارف البريطانية ، فالجنسية وان كانت مرادفة للمواطنة فهي تعطي امتيازات خاصة مثل الحماية خارج الدولة وبطاقة لتعريف بشخصية الفرد وهوية رسمية له عندما يخرج من حدود بلده . استطيع القول انه من خلال هذه التعريفات اجد ان المواطنة رابطة قانونية قائمة بين الفرد ودولته التي يقيم فيها بشكل ثابت ويتمتع بجنسيتها على اساس جملة من الواجبات والحقوق فهي - أي المواطنه - مجموعة من العلاقات المتبادلة بين الفرد والدولة وبين الأفراد بعضهم ببعض قائمة على اساس ما يسمى بالحقوق والواجبات وهي التي يحددها القانون الأساسي ( الدستور ) وبالطبع في ظل نظام ديمقراطي حقيقي ، هيئة المواطنون أو الشعب هو الذي يقر الدستور باعتباره الوثيقة الأساسية التي بمقتضاها يتم الحكم.


2- في معنى المواطنه وما يترتب عليها : -
أنا اعلم انه لا يمكن الاعتماد على مبادئ عامة محددة لتحديد معنى المواطنه بشكل دقيق فهو مفهوم تاريخي شامل يختلف من زمان لاخر ومن مكان لمكان و يتاثر بالنضج السياسي والرُقي الحضاري للدولة ، فكما شاهدنا في اللمحة التاريخية لهذا المفهوم من انه تأثر عبر العصور السابقة بالتطورات السياسية والاجتماعية والعقائد المختلفة وبقيم الحضارات والأحداث العالمية الكبرى ، فنجد أن معنى المواطنه في العصر الاثيني يختلف عن معنى المواطنة في عصر الإقطاع واختلف كثيراً عبر العصور اللاحقة من حيث توسع نطاقه فاشتمل على فئات لم يكن يعترف بمواطنتها سابقاً ، كما تطورت أبعادها فأصبحت تضم أبعادا اجتماعية واقتصادية وبيئية بالإضافة إلى الأبعاد القانونية والسياسية ، وبالتالي قد تحمل المواطنه اكثر من معنى فقد تحمل معنى تاريخي ديني أو معنى عرقي أو على أساس الجغرافيا السياسية أو غيرها .

إلا أن ذلك كله لا يعني أبداً من انه لا يوجد محتوى اساسي لمعنى المواطنه فمهما اختلفت المعاني لمفهوم المواطنه يبقى هنالك مبدأ اساسي لمعنى المواطنة وهو الانتماء على الرغم من انه هو الآخر يختلف بمعناه من حيث الانتماء إلى الوطن أو الانتماء إلى الموطن الذي يستقر فيه الإنسان أو الانتماء إلى الأمة (1)


فلو رجعنا إلى تعريف كلمة المواطنه فسنجد أن أساسها الموطن وهي بذلك تختلف عن كلمة المواطنية التي اساسها الوطن ، فالموطن هو مكان الاقامة او الاستقرار او الولادة او التربية ، اما الوطن فهو المكان الذي ينتمي اليه الفرد من خلال انتمائه لجماعة هذا الوطن ، وعلى الرغم من أن الفرد في كلتا الحالتين يعتبر مواطناً ومشاركاً ومنتمياً من الناحية الاجتماعية والجغرافية إلا أن مشاركته وانتمائه في الوطن تكون من ناحية اجتماعية سياسية ، وبالتأكيد أن الانتماء للوطن اعمق


(1) نساء ديمقراطيات بدون ديمقراطية ، فادية الفقير ص29 مجلة المستقبل العربي


بكثير من المشاركة كمواطن في الموطن لانه يعتبر نفسه شريكاً وليس تابعاً كما هو الحال في الموطن (1) ، وهذا ما عبر عنه د. هيثم مناع من أن كلمة المواطنة قلما تستعمل " في الوعي أو اللاوعي الجماعي بالمعنى العميق لها . وغالباً ما انحسر معناها في ذهن القائل والسامع بأبناء هذا الوطن ، اتباع لقادة أو رعايا لسلطان او سفهاء لعمامة " (2)


ذهبت في إحدى الليالي لزيارة صديق لي قادم من الولايات المتحدة الأمريكية وهو بالطبع يحمل الجنسية الأمريكية ،، فاخبرني عن الأحداث التي حصلت في ولاية نيويورك و عملية التفجيرات بالطائرات التي استهدفت مركز التجارة العالمي بتارخ 11 سبتمبر 2001 وابلغني بانه وفي نفس اليوم واثناء تواجده في محله في نيويورك حضر لطرفه مواطن أمريكي وسأله عن سبب تواجده هنا، وان عليه مغادرة الولايات المتحدة الأمريكية ويعود إلى وطنه ، فقال له صديقي انه مواطن امريكي وان أمريكا هي بلده ويتمتع بجنسيتها ، فقال له أنت لست مواطناً أمريكياً ويجب أن تغادر إلى وطنك وقام بضربه ....، وهنا تدخلت أنا وسألته هل تشعر يا صديقي بالانتماء للولايات المتحدة الأمريكية التي تحمل جنسيتها وانك مواطن أمريكي ، فقال له بالحرف الواحد أنا احمل الجنسية الأمريكية ولكن أنا مواطن فلسطيني ولا اشعر بالانتماء لغير فلسطين .


ما أود توضيحه هنا أن عنصر الانتماء هو المعنى الحقيقي لمفهوم المواطنه وبدونه لا قيمة للمواطنه التي تبقى مجرد جنسية تمنح حقوقاً وتفرض واجبات ولا تعبر إلا عن التابعية ووثيقة سفر لاجتياز الحدود .


على كل الأحوال إذا تحققت المواطنه بمعناها الحقيقي وتوفر عنصر الانتماء _وباعتقادي بأنه يتحقق من خلال التربية المواطنية وهذا ما سأشرحه لاحقاً _ سيترتب على ذلك تضامن اجتماعي بين هيئة مواطني الدولة لان الوضع القانوني للمواطنه سيكون عام ينتج عنه مساواة تامة في الحقوق الممنوحة للمواطنين قانوناً ودستورياً ومساواة في الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين ومساواة في الواجبات والالتزامات المفروضة على المواطنين مقابل الحقوق والخدمات المقدمة لهم ، والمساواة بين المواطنين أمام القانون ، فالشعور بهذه المساواة من قبل المواطنين يوحدهم ويزيد التضامن بينهم ويؤدي إلى الاحترام المتبادل بين المواطنين جميعاً والتحلي بالتسامح ، ويترتب على المواطنه أن تحافظ على حد أدنى من عدم تدخل الدولة في حياة المواطنين وان تسعى دائماً إلى حماية هذا الحد الأدنى من الانتهاك وتوسعه باستمرار أمام الدولة ، بالإضافة إلى ذلك كله سيترتب على تحقيق المواطنه السعي المشترك بين المواطنين نحو تحقيق المصلحة العليا والخير العام الذي يستهدف كافة المواطنين ، فطالما أن انتماء كل مواطن موجه نحو الدولة والمجتمع وليس نحو فئة


(1)في التربية والسياسة ، ناصيف نصار ص15


(2)المواطنه في التاريخ العربي والإسلامي ، د. هيثم مناع ص 6


معينة أو نحو عائلته و عشيرته أو نحو قريته أو بلدته أو غيرها فان ذلك سيؤدي بالضرورة إلى توجيه العمل بشكل جماعي نحو المصلحة المشتركة والخير العام ، بمعنى أن الانتماء والولاء للدولة والمجتمع وليس لغيرها سيؤدي بالضرورة إلى الايمان بالخير العام والمصلحة المشتركة للجميع .


فقديماً في زمن المدينة الاثينية كان ولاء المواطن الاثيني مقصوراً على دولة المدينة فلم تعرف ولاءات وانتماءات لغيرها ، ولا أحد ينكر على الإطلاق بان ديمقراطية اثينا هي الأساس الأصلي لمفهوم الديمقراطية في عالم اليوم .


3- الأسس التي تقوم عليها المواطنه :-
طالما ان مفهوم المواطنة ينطوي على جملة من الحقوق الممنوحة للأفراد وواجبات مفروضة عليهم وطالما أن المعنى الحقيقي للمواطنة يعتمد على انتماء الفرد وولائه لوطنه ، تكون المواطنه في مواجه تنظيم علاقة على مستويين ، المستوى الأول:- العلاقة القائمة بين الأفراد والدولة والمستوى الثاني :- العلاقة القائمة بين الأفراد بعضهم ببعض وهذا يحتم ان تكون المواطنه قائمة على أساسين جوهربين يتمثلان بما يلي :-

(أ) الأساس الأول :-المشاركة في الحكم


يجب ان تكون هذه المشاركة من خلال العملية الديمقراطية التي تقوم على جملة من المعايير تتمثل في المساهمة الفاعلة و التي تعطي الفرصة المناسبة لكل مواطن للتعبير والمشاركة عن رغباته وآماله وطرح الاسئلة على جدول الأعمال و التعبير عن الأسباب التي دفعته إلى إقرار نتيجة معينة ، والمساواة في الاقتراع في المرحلة الحاسمة و هي مرحلة اتخاذ القرارات وان يتوفر لكل مواطن الحق في اكتساب المعلومات بشكل يمكنه من فهم الأمور المراد اتخاذ القرار بشانها بحيث يتكون عنده الفهم المستنير ، وان يكون هنالك سيطرة نهائية من قبل المواطنين على جدول الاعمال بحيث تتوفر لهم الفرصة لاتخاذ القرار حول الكيفية التي يتم بموجبها وضع القضايا على جدول الاعمال التي يراد اصدار قرار بخصوصها عن طريق العملية الديمقراطية (1).


فهذه المعايير هي التي تشكل العملية الديمقراطية و التي من خلالها يستطيع المواطن المشاركة في الحكم وبدون هذه المشاركة تصبح المواطنه شكلية لا اساس لها وغير مطبقة على ارض الواقع بشكل فعلي .



(1) الديمقراطية وقادها ، روبرت دال ص 187


كنتيجة منطقية من ان المشاركة في الحكم يجب ان تكون من خلال العملية الديمقراطية تعني بالضرورة زوال حكم الفرد او القلة والاعتراف بهيئة المواطنين على اعتبار ان الشعب هو مصدر السلطات وفق شرعية دستور ديمقراطي . ولكن ممن تتكون هيئة المواطنين التي يحق لها المشاركة في الحكم ؟ هل تشمل كل الشعب بما فيهم الاطفال والمقيمون بشكل مؤقت والمواطنين المصابين بإعاقات عقلية ؟ هل هنالك شروط معينة يجب ان تتوفر في المواطن المتمتع بجنسية الدولة ليستطيع الانضمام الى هيئة المواطنين التي تشارك في الحكم ؟.


بالتاكيد ان الاهلية القانونية والعقلية مطلوبة وضرورية وتعتبر شرط اساسي في المواطن المشارك في الحكم فالاطفال غير مؤهلين لحكم انفسهم او مجتعهم حتى يبلغوا السن القانوني الذي تقره الدولة – أي الاهلية القانونية – وهذا السن يختلف من دولة الى اخرى ومن مجتمع لآخر ومن زمن الى اخر فنجد قديماً في زمن اثينا ان السن المطلوب يجب أن يتعدى الثلاثين من العمر وفي دول نجد ان العمر المطلوب يجب ان يتعدى الثامنة عشر في حين في بعض الدول يجب ان يتعدى الحادية والعشرون ، وكذلك لا يعتبر المواطن الذي يثبت انه مصاب بتخلف عقلي من ضمن هيئة المواطنين التي تشارك في الحكم لانه غير مؤهل من الناحية العقلية والادراكية وبالتالي غير مؤهل لحكم نفسه او مجتمعه ، وكذلك المقيم المؤقت في الدولة مثل العامل والمسافر والسائح وغيره لا يعتبر عضواً في هيئة المواطنين فهو غير ملزم بجميع الواجبات المفروضة على المواطنين ولا يتمتع بكل الحقوق الممنوحة لهم وكما يقول روبرت دال : " لا بد لهيئات المواطنين (الديموس ) من ان تشمل كافة البالغين من اعضاء التجمع باستثناء العابرين ومن يثبت انهم متخلفون عقلياً "(1)


وبالتالي فان هيئة المواطنين التي يحق لها المشاركة في الحكم هي عبارة عن كل الافراد البالغين من اعضاء المجتمع باستثناء المقيمين بشكل مؤقت ومن يثبت انهم انهم متخلفون عقلياً .


(ب) المساواة بين جميع المواطنين :


فلا بد من الايمان بالمساواة بين جميع المواطنين واعتبار جميع السكان الذين يتمتعون بجنسية الدولة او الذين يقيمون بشكل دائم على ارض الدولة وليس لهم في الحقيقة وطن غيرها _ ولكنهم لا يتمتعون بجنسية الدولة _ مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات ، يتمتع كل فرد منهم بحقوق والتزامات مدنية وقانونية واجتماعية واقتصادية وبيئية متساوية ، بالاضافة الى المساواة بين المواطنين امام القانون كل ذلك بدون الأخذ بعين الاعتبار الوضع الاجتماعي او المركز الاقتصادي او العقيدة السياسية او العرق او الدين او الجنس او غيرها من الاعتبارات (2)


(1) الديمقراطية ونقادها ، روبرت دال ص 222


(2) المدخل الى النظام السياسي الأردني ، د. محمد الدجاني ، د. منذر الدجاني ص 266


فتحقيق مفهوم المواطنة ومعناها مرتبط بشكل وثيق بالأساسين السابقين ، فبتحقيق هذين الأساسين يتحقق انتماء المواطن وولاؤه لوطنه وتفاعله الإيجابي مع مواطنيه ، نتيجة القدرة على المشاركة الفعلية والشعور بالإنصاف وارتفاع الروح الوطنية لديه عند أداء واجباته في الدفاع عن الوطن ودفع الضرائب واطاعة القوانين والأنظمة ، مما لا شك فيه انه من الضروري أن يكون هذين الأساسين منصوص عليهما بشكل واضح لا يحتمل التأويل في دستور ديمقراطي مرتكز على مبادئ ديمقراطية قائمة على أساس أن الشعب مصدر السلطات ، وسيطرة أحكام القانون والمساواة أمامه ، وعدم الجمع بين أي من السلطة التشريعية أو التنفيذية أو القضائية في يد شخص أو جهة واحدة ، وضمان الحقوق والحريات العامة دستورياً وقانونياً ومجتمعياً من خلال تنمية قدرة الرأي العام ومنظمات المجتمع المدني على الدفاع عن الحريات العامة وحقوق الإنسان ، وتداول السلطة بشكل سلمي ودوري وفق انتخابات عامة حرة نزيهة تحت إشراف قضائي مستقل .


4- في كيف تمنح المواطنة :
تختلف عملية منح المواطنة من دولة الى اخرى بحسب القوانين او الدستور المعمول بها او به بداخل الدولة ، فهنالك عدة اسس لمنح المواطنة اهمها ما يلي :

الاساس الاول : قرابة الدم او ما يسمىبقانون الدم وهو الذي يعطي حق المواطنة للفرد بناءاً على مواطنة والديه فهو حق وراثي .


الاساس الثاني : مكان الولادة أو ما يسمى بقانون الأرض وهو الذي يعطي حق المواطنة للفرد بحسب مكان ولادته بغض النظر عن مواطنة الوالدين . (1)


الاساس الثالث : اكتساب المواطنة بالهجرة او ما يسمى بقانون الهجرة والذي تعتمده العديد من الدول ، فيحصل الفرد على مواطنة هذه الدوله التي يهاجر اليها اذا توفرت فيه شروط الهجرة المطلوبة وتمت الموافقة عليه من قبل الدولة ، وفي بعض الدول التي تتعامل بقانون الهجرة تدخل فيه اعتبارات تاريخية دينية عنصرية مثل دولة اسرائيل ، فاليهودي يصبح مواطناً بالفعل بمجرد الهجرة الى دولة اسرائيل وتوقيع بعض الاوراق الرسمية بحسب قانون العودة الذي لا يسري الا على اليهود فقط ، فحق العودة حق ديني مصدره الانتماء الى الدين اليهودي ، وحق تاريخي مصدره الانتماء الى الشعب اليهودي ، في حين نجد ان الفلسطينيين ( عرب اسرائيل ) المقيمين بشكل ثابت ودائم وقديم في دولة اسرائيل لا يعتبرون مواطنين بالمعنى الدقيق للمواطنة . (2)


ثالثاً : الحقوق الاساسية للمواطنة الديمقراطية :


يترتب على المواطنة الديمقراطية ثلاثة انواع رئيسية من الحقوق والحريات التي يجب ان يتمتع


(1) السياسة نظريات ومفاهيم ، د. محمد الدجاني ، د. منذر الدجاني ص195.


(2) المواطنة الديمقراطية والعرب في اسرائيل ، د. سعيد زيداني ص46 ، مجلة الدراسات الفلسطينية.


بها جميع مواطني الدولة دونما تميز من اي نوع ولا سيما التميز بسبب العنصر او اللون او الجنس ، او اللغة ، او اي وضع آخر (1) ، وهذه الحقوق كما يلي :


1- الحقوق المدنية :
وهي مجموعة من الحقوق تتمثل في حق المواطن في الحياة وعدم اخضاعه للتعذيب ولا للمعاملة او العقوبة القاسية او اللاانسانية او الحاطة بالكرامة وعدم اجراء اية تجربة طبية او علمية على اي مواطن دون رضاه ، وعدم استرقاق احد او اخضاعه للعبودية وعدم اكراه احد على السخرة أو العمل الإلزامي ، والاعتراف بحرية كل مواطن طالما لا تخالف القوانين ولا تتعارض مع حرية الآخرين ، وحق كل مواطن في الامان على شخصه وعدم اعتقاله او توقيفه تعسفاً ، وحق كل مواطن في الملكية الخاصة ، وحقه في حرية التنقل وحرية اختيار مكان اقامته داخل حدود الدولة ومغادرتها والعودة اليها وحق كل مواطن في المساواة امام القانون ، وحقه في ان يعترف له بالشخصية القانونية وعدم التدخل في خصوصية المواطن او شؤون اسرته او بيته او مراسلاته ولا لاي حملات غير قانونية تمس شرفه او سمعته وحق كل مواطن في حماية القانون له ، وحق التعاقد لكل مواطن في الدولة ، وحقه في حرية الفكر ، والوجدان والدين واعتناق الآراء وحرية التعبير وفق النظام والقانون ، و حق كل طفل في اكتساب جنسيته .(2)

2- الحقوق السياسية :
وتتمثل هذه الحقوق بحق الانتخابات في السلطة التشريعية والسلطات المحلية والبلديات والترشيح ، وحق كل مواطن بالعضوية في الاحزاب وتنظيم حركات وجمعيات ومحاولة التأثير على القرار السياسي وشكل اتخاذه من خلال الحصول على المعلومات ضمن القانون والحق في تقلد الوظائف العامة في الدولة والحق في التجمع السلمي . (3)

3- الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية :-
وتتمثل الحقوق الاقتصادية اساساً بحق كل مواطن في العمل و الحق في العمل في ظروف منصفه والحرية النقابية من حيث تكوين النقابات والانضمام إليها والحق في الإضراب ، وتتمثل الحقوق الاجتماعية بحق كل مواطن بحد أدنى من الرفاه الاجتماعي والاقتصادي وتوفير الحماية الاجتماعية والحق في الرعاية الصحية والحق في الغذاء الكافي والحق في التامين الاجتماعي والحق في المسكن والحق في المساعدة والحق في التنمية والحق في بيئة نظيفه والحق في خدمات كافيه لكل مواطن ، وتتمثل الحقوق الثقافيه بحق كل مواطن بالتعليم والثقافة(4)

(1) الشرعة الدولية لحقوق الانسان /الاعلان العالمي لحقوق الانسان / جمعية القانون ص10 .


(2) نفس المرجع ص 19 .


(3) نفس المرجع ص 25 .


(4) نفس المرجع ص39 .


مما تقدم نلاحظ أن هناك جملة من الواجبات الملقاه على عائق الدولة تتمثل بحقوق المواطنين المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تمنح لهم من خلال مواطنتهم ولما يترتب على المواطنين من واجبات اتجاه دولتهم .


رابعاً:- الواجبات الأساسية للمواطنه الديمقراطية:-


تعتبر الواجبات المترتبة على المواطنه نتيجة منطقية وامراً مقبولاً في ظل نظام ديمقراطي حقيقي يوفر الحقوق والحريات الأساسية المترتبة على المواطنه لجميع المواطنين و بشكل متساوي ، فمقابل هذه الحقوق تظهر هذه الواجبات التي يجب أن يؤديها المواطنين أيضا بشكل متساوي بين الجميع وبدون تمييز لأي سبب من الأسباب التي تم ذكرها سابقاً فهي علاقة تبادلية والهدف منها هو مصلحة الفرد والدولة وتحسين الأوضاع في المجتمع وتطويره نحو الأفضل وهذه الواجبات قد ينص عليها القانون وبالتالي تتحدد بشكل رسمي وقد تكون هذه الواجبات مفهومة ضمنياً للمواطن فيلتزم بها .


تتمثل هذه الواجبات بما يلي :-


1-واجب دفع الضرائب للدولة :- فالمواطن عندما يلتزم بهذا الواجب يكون بالضرورة مساهماً في اقتصاد الدولة ، وبالتأكيد ان هذا الدعم في النهاية يعود إليه على شكل خدمات وحقوق اقتصادية واجتماعية وثقافية فالضمان الاجتماعي مثلا تستطيع الدولة توفيره من خلال هذه الضرائب التي تعد أحد الموارد الأساسية للدولة وبالتالي فهي ضرورية لاستمرارية الدولة والمجتمع.
2-واجب إطاعة القوانين :- فطالما أن القوانين تشرع عن طريق السلطة التي يقرها الشعب والمخولة بذلك قانوناً وطالما أن هذه القوانين ستطبق على الجميع بشكل متساوي بدون تمييز ، فالأمر الطبيعي أن يقوم المواطن باحترام هذه القوانين التي تحقق بدورها الأمن والنظام والحماية المطلوبة وستؤدي إطاعة القوانين إلى تحقيق المساواة والديمقراطية وتحقيق التكافل الاجتماعي بين جميع المواطنين في الدولة .
3-واجب الدفاع عن الدولة :-
وهو ما يسمى بواجب الخدمة العسكرية او خدمة العلم فهو واجب مطلوب من كل مواطن اذا طُلب منه التجنيد فهو بهذا الواجب يشارك بالدفاع عن وطنه و مواطنيه في حالات النزاع او الحرب وهو واجب منطقي لانه سيدافع عن دوله حققت له مواطنته ، من خلال ما وفرت له من حقوق وحريات وخدمات ، وسمحت له بالمشاركة في الحكم ، بالإضافة إلى الشعور بالأنصاف من خلال تحقيق مبدأ المساواة بين أفراد شعبه مما يشكل بداخله ما يسمى بالانتماء الوطني (1)

(1)ما هي المواطنة ، نبيل الصالح ص12


الفصل الثاني : التربية وعلاقتها بتحقيق معنى المواطنه :


اولاً : تعريف التربية المواطنية :-


أرى لزاماً علي قبل البدء بتعريف التربية المواطنية ، ان اعرف المواطن الذي ستدور التربية المواطنية حول مفهومه ، فالمواطن هو الانسان الذي يستقر بشكل ثابت في بقعة ارض معينة وينتسب وينتمي اليها .


اما التربية المواطنية فيعنيها ناصيف نصار في كتابه التربية والسياسة بانها : " تدل على مجموعة مواد ونشاطات من شانها ان تغذي الوعي الوطني والالتزام الوطني والعمل الوطني بطبيعة مضمونها وموضوعها و تشكيل المواطن وتنميته انطلاقاً من تصور فلسفي معين لماهية المواطن ومن واقع التجربة في حياة الجماعة الوطنية ووجودها السياسي (1)"


فالتربية المواطنية انطلاقاً من هذا التعريف مدارها المواطن واهتمامها الأساسي به فيريد ناصيف نصار من خلال التربية المواطنية تكوين المواطن واعداده وتنميته من حيث وعيه والتزامه وعمله الوطني وذلك من خلال مضمون مجموعة مواد ونشاطات ، وكأنه بذلك يقول بان الفرد لا يصبح مواطناً بدون هذه التربية فالتربية المواطنية تفتح مدارك تفكير المواطن وتؤدي بالضرورة الى خلق روح الانتماء الوطني بداخله وهي روح المواطنه وجوهرها _ وهذا ما سأشرحه بعد قليل _ طبعاً بالتاكيد ان ذلك لن يحدث اذا لم تكن هذه التربية مصوبه نحو هدفها الاساسي وهو المواطن وخلق روح الانتماء الوطني بداخله فمن الممكن ان تكون التربية مصوبه نحو هدف السلطة الحاكمة المتمثل بتحقيق مصالحها الشخصية .


ثانياً : ما الذي يجعل التربية مهمة لتحقيق المواطنه ؟


لا استطيع الاكتفاء بهذا السؤال ، فهل يولد الانسان مواطناً ؟ واذا كان ذلك صحيحاً فكيف يمكن للفرد ان يصبح مواطناً مستنيراً اذا لم يفهم معنىالمواطنه ، ولم يعرف ما له وما عليه من حقوق وواجبات ولو افترضت جدلاً بانه عرف ما له وما عليه من الحقوق والواجبات فما هو تفسير ان هذا المواطن لا يطالب بحقوقه ويتهرب من واجباته ؟ انا اعلم تماماً بان هناك فرقاً وفجوة كبيرة بين العلم بالشيء وتطبيقه على ارض الواقع فلا يكفي على الاطلاق ان يعرف المواطنين مبادئ المواطنه ومعناها الحقيقي وما يترتب عليها من حقوق وواجبات بل ايضاً يجب ان يقوم هؤلاء المواطنون بالممارسة العملية بالفعل على ارض الواقع لمعنى المواطنة وهذا يجب ان يكون بشكل جماعي باهتمام الجميع فلماذا لم يحصل ذلك على الرغم من وجود المعرفة اذا كانت قد وجدت اصلاً ؟!


(1)في التربية والسياسة ، ناصيف نصار ص18 .


اسئلة كثيرة جوابها يتمثل في ان عنصر الانتماء الوطني لم يتحقق بعد ، فهذا المواطن الذي تكونت لديهم العرفة والدراية بماهية المواطنة لم يتكون لديه عنصر الانتماء الوطني ليدفعه للمطالبة بحقوقه واداء التزاماته اتجاه دولته فهذا الشعور الذي يجب ان يزرع بداخل المواطن لم يزرع وبالتالي لم يتحقق الانتماء ، ولكن لحظة ، لماذا لم يتحقق ؟ بالتاكيد لان هذا المواطن لم يُعد ولم يشكل ولم يغذي وعيه والتزامه وعمله الوطني بمجموعة مواد ونشاطات تهدف الى تنمية وتحقيق شعور المواطنه بداخله وهذا ما اسميه بالتربية المواطنيه ، وقد يسأل سائل ما الذي يؤكد بان التربية هي التي تخلق هذا الشعور بالانتماء الوطني ؟ هذا السؤال مهم والاجابة عليه بسيطة من ان وظيفة التربية الفعلية هي تحقيق هذا الشعور وهذا ما ساثبته من خلال شرحي للأسس التي تقوم عليها وظيفة التربية الفعلية فالوظيفة الفعلية للتربية تقوم على اساسين هما:


الأساس الأول :- تحقيق المعرفة لدى الفرد المتعلم :-


يقول الدكتور رجا بهلول في كتابه " التربية والديمقراطية " ( إن كل مجتمع يسعى جاهداً لإعادة "خلق للنفس " في كل عضو جديد ينضم اليه . وليس هناك من اسم افضل لتلك العملية المؤديه الى هذه الغاية من " التربية " ) (1) ويكمل حديثه بعد ذلك بانه ( المضمون التربوي يتكون اساساً من "معارف " و" قيم " ) .


فهذا العضو الجديد بحسب راي الدكتور رجا بهلول يتم اعادة خلق نفسه من قبل الجتمع من خلال هذه المعارف والقيم التي سيتم ايصالها لهذا العضو من خلال عملية التربية ، أي بمعنى تحقيق الجانب المعرفي لدى الفرد المنتسب لهذا المجتمع او لهذه الدولة ، فالتربية بمفهومها الوظيفي تسعى لتحقيق هذا الجانب لدى الافراد في داخل المجتمع ، ولكن ما المقصود بالمعرفة ؟ يميز الدكتور رجا بهلول بين المعارف والقيم فيعرف مصطلح المعارف بانه ( مجموع المفاهيم و المعتقدات التي يحاول الناس من خلالها فهم انفسهم والعالم المحيط بهم ، وتشتمل على النظريات العلمية والمعتقدات الدينية والفلسفية وما يدعى احياناً بـ " الحس السليم " )(2) و يتابع الدكتور رجا قوله بانه " لا ضير في ادراج مهارات من انواع مختلفة مثل المهارات اللغوية والمهنية وغيرها ضمن اطار ما نسمية بـ" "المعارف " ، طالما انها امور يكمن ادراكها وفهمها ( تعلمها ) دون ان يكون هناك ضرورة للمشاركة العاطفية من قبل التلميذ ( موضوع العملية التربوية ) " فالدكتور رجا لا يرى ضرورة للمشاركة العاطفية من قبل الفرد لتحقيق الفهم والادراك لهذه المعارف بمعنى ان المهم في الموضوع هو الادراك العقلي بشكل مجرد عن أي عاطفة ، وهذا ما يميز المعارف عن القيم التي لا بد ان يرافقها مشاركة عاطفية وتعتبر ضرورية لتحقيقها ، ولكن ما


(1) التربية والديمقراطية د. رجا بهلول ص31


(2) نفس المرجع ص32


اريد ان اساله هل المواطنه تعتبر من ضمن المعارف ام من ضمن القيم ؟ على ما اعتقد انها تعتبر من المعارف لانه حسب تعرف الدكتور بهلول ، استطيع القول بان النظرية الديمقراطيه تعتبر من المعارف وكنتيجة منطقية تكون المواطنه من هذا التصنيف كون المواطنة المبدأ الاساسي لهذه النظرية الديمقراطية ، على كل الاحوال ما اريد ان أسأله هو هل أن التربية على المواطنه تتحقق بمجرد وصول هذه المعارف والقيم الى المتعلم ؟ بمعنى هل الوظيفة الفعلية للتربية تكون قد اكتملت بمجرد إيصال المعرفة للفرد وبالتالي تتحقق التربية المواطنيه ؟، بالتاكيد لا فهنالك شعور ما يجب ان يتكون لدى الفرد المتعلم ليتكون لديه الانتماء الوطني وهو المعنى الحقيقي للمواطنه واساس تحقيقها ، هذا الشعور ما اسميه بالاساس الثاني والمهم الذي تقوم عليه الوظيفة الفعلية للتربية .


الاساس الثاني : خلق الرغبة والشعور في نفس الفرد المتعلم :


يعرف افلاطون التربية في كتابه القوانين فيقول "……اعني بـ" التربية " ذلك التدريب الذي يمنح للقدرات الطبيعية للفضيلة في الاطفال ، وذلك بواسطة غرس العادات المناسبة عندهم … لكن التدريب … الذي يقودك دائما لتكره الشيء الذي يجب ان تكرهه وتحب الشيء الذي يجب ان تحبه من بداية الحياة الى نهايتها ، سوف ندعوه " تربية بحق " (1) اذا كان هذا ما يسميه افلاطون بالتربية _ مع تحفظي على هذا التعريف فيما يتعلق بالشيء الذي يجب ان يكره او يحب _ من غرس العادات المناسبة عند الافراد فتبقى بداخلهم من بداية حياتهم حتى مماتهم فكيف يمكن ان يتحقق ذلك ؟ كيف يمكن ان تربى على كره شيء او على حب شيء ؟ اعتقد ان ذلك من الممكن جداً ان يحدث عن طريق ما اسميه بذلك الشعور الداخلي العميق المزروع بداخل النفس والذي يبقى يعيش بداخل روح الفرد طالما لا يزال فيه عرق ينبض بالحياة . فهذه هي روح الوظيفة التربوية التي تقوم بخلق هذا الشعور في نفس الفرد المتعلم ، فبهذا الشعور الذي يزرع بداخله مع ما تلقاه من الجانب المعرفي تتحقق الوظيفة الفعلية للتربية ويتحقق الانتماء .


اذن باعتقادي بان الوظيفة الفعلية للتربية تقوم على هذين الاساسين ، وبالمقابل وبما ان التربية المواطنيه او التربية على المواطنه هي جزء من التربية بشكل عام ، فان وظيفة التربية المواطنيه الفعلية تقوم ايضاً على هذين الاساسين ، فمطلوب من التربية المواطنيه _ التي ساتناول شروطها بعد قليل _ ان تقوم بايصال وتحقيق المعرفة الخاصة بالمواطنه لدى الافراد ومطلوب منها ان تخلق ذلك الشعور في نفوس الافراد ، فبهذه المعرفة وبهذا الشعور يتولد عنصر الانتماء الوطني لدى الافراد وهو المعنى الحقيقي للمواطنه ، وبذلك فقط نستطيع ان نقول ان وظيفة التربية المواطنيه الفعلية قد تحققت ومن خلالها تحقق مفهوم المواطنه على ارض الواقع .


(1)التربية والديمقراطية ، رجا بهلول ص24 .


نستخلص مما ذكر ان التربية مهمة لتحقيق مفهوم المواطنه على ارض الواقع في ظل نظام ديمقراطي ، وهي ما تسمى بالتربية المواطنيه ، لانها تقوم بايصال المعرفة للافراد حول مفهوم المواطنه ومعناها الحقيقي وما يترتب عليها من حقوق وواجبات للافراد وللدولة ، و كل ما يتعلق بهذا المفهوم ، كما تقوم هذه التربية بغرس ذلك الشعور في داخل نفس الفرد المتلقي للمعرفة الخاصة بالمواطنة مما يشكل بداخل الفرد المتعلم عنصر الانتماء الوطني وهذا الأخير هو المعنى الحقيقي للمواطنه والذي يؤدي إلى تطبيقها بكل تأكيد على ارض الواقع فهي نتيجة منطقية ، لذلك صحيح أن الإنسان يولد وهو يتمتع بمواطنه دولته أي بجنسيتها إلا انه لا يصبح مواطناً مستنيراً حقيقياً بدون هذه التربية المواطنيه .


فهذه التربية هي التي تهيئ وتعد وتنمي الفرد لتمكنه من الاندماج في النظام السياسي وهي الوسيلة التي من خلالها - كما يقول الدكتور رجا بهلول - يتمكن المجتمع من أن يستمر في الوجود . (1)


ثالثاً : شروط التربية المواطنية :


يقول ارسطو "…لكل نظام حكم نمط محدد من الشخصية يتكون على أساسه في الأصل ، ويقوم هذا النمط المحدد بالمحافظة على ذلك النظام . فالشخصية الديمقراطية تخلق النظام الديمقراطي كما أن الشخصية الاوليغاركية تخلق النظام الاوليغاركي . وفي كل الأحوال ، كلما كانت الشخصية افضل ، كلما كان نظام الحكم افضل " .(2)


الأفراد هم محور الشخصية التي يتكلم عنها ارسطو ، و التربية كما شرحناها سابقاً هي التي تعد الافراد وتقوم بتهيئتهم وايصال المعارف والقيم اليهم ، وبالتالي فالتربية هي التي تخلق هذه الشخصية التي تحدث عنها أرسطو وهي التي تشكلها فقد تكون شخصية ديمقراطية أو شخصية أوليغاركية او شخصية ديكتاتورية او شخصية تحترم المواطنة وبالتالي تخلق نظاماً يقال بأنه نظام يحترم المواطنة والعكس صحيح ، كل ذلك بحسب التربية ، لذلك يجب ان نحدد شروط التربية المواطنية الفعلية بحيث تؤدي بالضرورة الى تشكيل شخصية افضل ليتكون لدينا نظام حكم افضل يحترم المواطنة ويقوم بتحقيقها على ارض الواقع .


وهذه الشروط تتمثل بمجموعة من الافكار تحدث عنها ناصيف نصار في كتابه في التربية و السياسة (3) وهي كما يلي :-



(1) التربية والديمقراطية ، رجا بهلول ص 34 .


(2) نفس المرجع ص70 .


(3) في التربية والسياسة ، ناصيف نصار ص 48 .


1) التربية المواطنية عملية تربوية نضالية مستمرة :
فهي عملية تأخذ جانب النضال من جهة وجانب الاستمرارية من جهة أخرى ، فهي عملية نضالية تسعى وتهدف لان تعترف الدولة والنظام بهذه المواطنه فإذا تم هذا الاعتراف دستورياً بشكل واضح بدون تناقض ، فأننا ننتقل إلى جانب الاستمرارية وهذا الجانب مهم لانه من خلاله سيتم ترسيخ وتحسين الممارسة الفعلية العملية للمواطنيه وهذا ما نسعى إليه اصلاً من التربية المواطنية أن تتم هذه الممارسة الفعلية للمواطنيه على ارض الواقع من خلال مؤسسات الدولة والمواطنين. سأقوم بتوضيح هذه النقطة بمثال ، فالفلسطينيون (عرب 1948 ) لا يعترف بهم كمواطنين في الدولة إسرائيل فيقول د. عزمي بشارة في كتابه الخطاب السياسي المبتور " فالفلسطينيون مواطنو دولة إسرائيل ، إذا هم مواطنو دولة تعلن نفسها أنها ليست دولتهم ، وهي في الوقت نفسه دولة أناس كثيرين ليسوا مواطنيها " (1) أي بمعنى أن هذه الدولة لا تعترف بمواطنه الفلسطينيين فيها وأنها دولة لليهود فقط ،فيجب أن تكون عملية التربية المواطنيه فيها عملية نضالية تسعى وتهدف لان تقر هذه الدولة بمواطنه الفلسطينيين المقيمين بداخلها كأقلية قومية ، وان يكون هذا الاعتراف دستورياً وبشكل واضح خالي من أي تناقض أو نقص أو تميز ، فتكون هذه الخطوة الدستورية هي الخطوة الأساسية الأولى على طريق التربية المواطنيه التي يجب أن يتبعها ممارسة فعلية لهذه المواطنه على ارض الواقع من خلال مؤسسات الدولة وجميع مواطني الدولة ، وقد يقول احدهم ان دولة اسرائيل دولة احتلال فكيف يمكن ان تقر بمواطنة هؤلاء الفلسطينيون الضعفاء فأقول له اذا لم تبادر بما لديك من حق فسيبادر غيرك بما لديه من باطل ، فالفلسطينيون اصحاب حق ، هذا بالاضافة الى انه لا يحصل اي تغير على صعيد النظام السياسي الاجتماعي الا اذا حصل تغير على صعيد الافراد . (2)

2) يجب على التربية المواطنية أن تعمل على تغليب الانتماء الى الوطن – اي الى الجماعة الوطنية ودولتها الوطنية – على اي انتماء سياسي آخر .
ولكن هل معنى ذلك ان هذه التربية المواطنية ستكون باتجاه الدولة وتصب فيها ؟ بالتأكيد نعم ، فاذا كانت هذه الدولة وطنية – بمعنى ان الوطن والمواطن اهتمامها الاول – وكانت تستطيع بالفعل ان تعامل اعضائها كجماعة مواطنين لهم حقوق وعليهم واجبات ، وقادرة على تطبيق المواطنة على اصولها ، فيجب ان تكون هذه التربية المواطنية تصب باتجاه هذه الدولة الوطنية فلا يجوز ان يقدم الانتماء او الولاء السياسي لاي سلطة جزئية في الدولة على الانتماء او الولاء لسلطة الدولة نفسها ، وهذا ما شاهدناه قديماً في المدينة الاثينية حيث كان انتماء المواطنين اليونانيين فيها موجهاً

(1) الخطاب السياسي المبتور ، د. عزمي بشارة ص 17 .


(2) التربية و الديمقراطية ، رجا بهلول ص 79 .


لدولة المدينة لأنها بالفعل كانت تعاملهم كجماعة مواطنين وبالتالي كان الامر طبيعياً ان نجد هذا الولاء والانتماء من المواطن الاثيني لدولة المدينة وليس سواها .


اما اذا كانت الدولة تعامل اعضائها كجماعة عبيد او لم تكن تعترف بمواطنتهم المتساوية ، فبالتأكيد ان هذا الانتماء المطلوب من التربية المواطنية لن يكون متجهاً الى الدولة بل سيكون متجهاً لمطالبة الدولة بان تعاملهم كمواطنين .


3) يجب على التربية المواطنية ان تنظر الى اعضاء الدولة على اساس انهم كائنات عاقلة وحرة.
فالانسان كما يقول د. رجا بهلول ليس مجرد جسد ولا المجتمع مجرد مجموعة من الاجساد (1) ، فهو يمتلك عقلاً يستطيع من خلاله تحديد ومعرفة المصلحة العامة والالتزام بالقوانين والتفكير بالحقوق وتحمل المسؤوليات ، وعليه فانه من المفروض ان يكون نظام الحقوق والواجبات التي تربط المواطنين بالدولة والدولة بالمواطنين من صنع هؤلاء المواطنين العقلاء الذين يتمتعون بارادة حرة . فالتربية المواطنية بما انها تتعامل مع افراد عقلاء واحرار ، فمطلوب منها أن تربي الافراد على تحمل المسؤولية السياسية والمشاركة في بناء نظام الحقوق والواجبات المتبادلة بين الدولة واعضائها ، فلو افترضت جدلاً ان هذه التربية تتعامل مع اشخاص متخلفين عقلياً أو عبيداً يتلقون اوامرهم من اسيادهم ، فالامر الطبيعي ان لا يطلب منهم تحمل المسؤولية السياسية والمشاركة في الحكم وسيبحث عن بديل لهم لتحمل هذه المسؤولية عنهم .

فمطلوب من التربية المواطنية ان تربي على تحمل المسؤولية السياسية والمشاركة الفعالة ، خصوصاً ان الناس في العادة يفضلون الاذعان السلبي على الموافقة الفعالة ويرفضون قبول مسؤوليات المشاركة ، فالناس عديموا المبالاة سياسياً (2) ، وبالتالي فمطلوب من التربية ان تنمي فيهم روح المسؤولية والمشاركة المطلوبة .


4) يجب على التربية المواطنية ان تنظر الى جميع اعضاء الدولة على اساس انهم متساوون امام القانون .
ولكن بدايةً يجب تحديد من هو المواطن ، فاذا تم تحديده ، فيجب التعامل مع هؤلاء المواطنين على اساس المساواة بينهم امام القانون لان ذلك يحقق العدل ويحقق وحدة الجماعة الوطنية فعندما يكون هناك قانون واحد يخضع له جميع المواطنين بدون التمييز فيما بينهم على اساس الوضع السياسي او الوضع الاجتماعي او المركز الاقتصادي او بسبب العرق او الدين او الجنس او غيرها . (3) فان ذلك يعني ان هنالك عدلاً قد تحقق ، فالغني والفقير ، والمسلم والمسيحي ، والرجل والمرأة ، والمدير العام والفراش ، يخضعون لنفس القانون ومتساوين امامه فهم بذلك مشتركين في حياة

(1) التربية و الديمقراطية ، د. رجا بهلول ص37 .


(2) الديمقراطية ، دوروثي بيكلس ص17 .


(3) المدخل الى النظام السياسي الاردني ، د. محمد الدجاني ، د. منذر الدجاني ص266 .


قانونية واحدة تؤدي بالضرورة الى وحدة حياتهم الوطنية ، وبالتالي الى ازالة او على الاقل تخفيف الفوارق الموجودة بين المواطنين بسبب الوضع الاقتصادي او الاجتماعي او السياسي او غير ذلك ، طالما ان هذه المساواة مستمدة اصلاً من المساواة في الكرامة الانسانية .


5) يجب على التربية الوطنية ان تتحدد – كتربية – بنطاق الخير المشترك للمواطنين .
انا اعلم بان فكرة الخير المشترك تختلف باختلاف التصورات والمذاهب والمعتقدات وتختلف من مكان وزمان لآخر ، فهناك من يرى في الخير المشترك ذلك المفهوم الاول للخير العام او ما يسمى بالتقليد الجمهوري الذي كان سائداً في زمن ما قديماً ، حيث كانت الحياة العامة يتحكم فيها تفان واخلاص موجهان للخير العام ، وهناك من يرى في الخير المشترك ، خير الشعب داخل مجالات مختلفة من القرار الجماعي مثل الامن ، العمل ، الرفاه المعيشي وغيرها . (1)

المطلوب من التربية المواطنية ان يتحدد اطارها كعملية تربوية بالخير المشترك للمواطنين ذلك الخير والمصالح التي نشترك بها مع الآخرين ، فبهذا الاطار يتم تهيئة المواطن وتحقيق الفهم المستنير للخير المشترك الذي يعتبر اساساً لمعنى الخير المشترك .


6) يجب على التربية المواطنية ان تهتم بشكل متوازن بحقوق المواطن من جهة وبواجباته من جهة اخرى .
فالمواطنة تقوم بالاساس على رابطة تبادلية بين حقوق المواطنين التي تعتبر واجبات على الدولة وبين حقوق الدولة التي تعتبر واجبات على المواطنين ، فلا يجوز ان تطغى حقوق طرف على الآخر لأن ذلك يؤدي الى الاخلال بهذه الرابطة التي تعتبر اساس المواطنة وبدونها يسقط مفهوم المواطنة وبالتالي يجب على التربية المواطنية ان يكون اهتمامها متوازناً بين الحقوق والواجبات لتبقى هذه الرابطة المتبادلة وثيقة وبالتالي يتحقق مفهوم المواطنة .

7- يجب على التربية المواطنية ان تقوم بتطوير محتوى نظام الحقوق والواجبات المتبادلة بين المواطنين والدولة وبشكل مستمر .
فالمفاهيم والمبادئ والافكار متغيرة لان الناس في تغير مستمر وبالتالي لابد ان تقوم التربية المواطنية بمراجعة دائمة او دورية للحقوق والواجبات التي تتعلق بالمواطنين وبالدولة وتغير ما ينبغي تغييره وتطوير وتوسيع ما يلزم منها فبذلك – كما يقول ناصيف نصار – يتعمق وعي المواطنين بوحدة الحياة والمصير التي تجمعهم في دولتهم وبواسطتها . (2)

(1) الديمقراطية ونقادها ، روبرت دال ص505 .


(2) في التربية والسياسة ، ناصيف نصار ص52 .



كلمة أخيرة :


بعد ان تم شرح الشروط الاساسية التي يجب ان تراعيها التربية المواطنية ، بقي ان اقول كلمتي الاخيرة فيما يتعلق بدور المؤسسات التربوية التي ستقوم بعملية التربية المواطنية ، فيقع على عاتق كل مؤسسة تربوية ان تقوم بوظيفتها بشكل متكامل ومترابط مع المؤسسة الاخرى ضمن اطار هذه الافكار الفلسفية التي تم شرحها ، فعملية صهر آراء المواطن وافكاره ومعتقداته وسلوكه وقيمه تتم من خلال هذه المؤسسات التربوية التي تتمثل بالاسرة والمدرسة والمؤسسة الدينية والزمره ( الاصدقاء ، الجيران ، الرفاق ...الخ ) ، ووسائل الاعلام ، وبالتالي يجب ان تكون عملية الصهر هذه متوافقة ومبادئ المواطنة ومعناها الحقيقي وما يترتب عليها بدون اي قيود قد تفرض على هذه التربية المواطنية .




فعملية التربية المواطنية يعتمد نجاحها بالاساس على الدور الذي ستقوم به هذه المؤسسات التربوية ، فاذا قامت بدورها كما يجب وبالشكل المطلوب منها بدون اي تحفظات او اي قيود ، فسيؤدي بالضرورة الى نجاح عمليةالتربية المواطنية الحقة . ونجاح هذه العملية سيؤدي الى تحقيق المعنى الحقيقي للمواطنة وتطبيقها على ارض الواقع في ظل نظام ديمقراطي .









الخلاصة والخاتمة :-


ما أودُ ان اعيد واذكر به هي تلك الامور التي حاولت ان اثبتها من خلال ما تقدم ، وتم شرحه في هذا البحث ، فخلاصة هذا البحث تتركز على هذه الامور التي يمكن اجمالها بما يلي :


أولاً : ان مفهوم المواطنة هو المبدأ الاساسي الرئيسي للديمقراطية ، فلا وجود ولا معنى لاي نظام ديمقراطي بدون تحقيق لمفهوم المواطنة ( فهل هناك ديمقراطية بدون مواطنين ؟ )


ثانياً : ان المحتوى الاساسي لمفهوم المواطنة نابع من مبدأ الانتماء الوطني الذي يتشكل نتيجة التربية المواطنية ، والقدرة على المشاركة الفعالة في الحكم . والشعور بالانصاف والمساواة .


ثالثاً : ان المواطنة تقوم على اساسين مهمين هما : أ- المشاركة في الحكم ب- المساواة بين جميع المواطنين .


رابعاً : ان تحقيق المواطنة على ارض الواقع بشكل فعال مرهون ومرتبط بعملية التربية المواطنية التي من خلالها يتم ايصال المعرفة وخلق الشعور الذي يؤدي الى تشكيل الانتماء الوطني .


خامساً : تقديم رؤية لتربية مواطنية من خلال افكار فلسفية ، وما لها من اهمية في تحقيق مفهوم المواطنة بشكل فعال على ارض الواقع .


هذه الامور هي التي حاولت ان أرسخها . من خلال ما جاء به هذا البحث ، من شرح و تحليل و استنتاجات منطقية داعمة لها ، فمن خلال هذا البحث تم شرح السياق التاريخي لمفهوم المواطنة ، وتم بيان المعنى الحقيقي للمواطنة وما يترتب عليها من نتائج ومن حقوق ومن واجبات متبادلة بين المواطن والدولة ، و الأسس التي تقوم عليها المواطنة ، و كيف تمنح المواطنة ، كما تم شرح التربية المواطنية و معناها و علاقتها و أهميتها في تحقيق المواطنة ، و شروط التربية المواطنية الحقه ما كنت اتمناه في نهاية هذا البحث أن أكون قد وفقت في ترسيخ هذه الأمور المختلفة حول مفاهيم المواطنة و التربية و الديمقراطية ، من أجل تحقيق هدف هذا البحث و هو تحقيق المصالحة مع الذات أولاً و مصالحة مع الاّخرين ثانياً ، و تحقيق الإنتماء الوطني ثالثاً ، و بالتالي تحقيق مفهوم المواطنة على أرض الواقع التي هي اساس النظام الديمقراطي الفعال .


فعندما تتم المصالحة مع الذات ومع الآخرين ويتحقق الانتماء الوطني ، تنتقل المواطنة من كونها مجرد نصوص مكتوبة الى ممارسة تترجم لتصبح المساواة بين المواطنين فيها قيمة اجتماعية واخلاقية وممارسة سلوكية يومية من قبل المواطنين فيعبر ذلك عن مدى انتمائهم ووعيهم الثقافي ورقيهم الحضاري وادراكهم السياسي من خلال تربية مواطنية حقة قامت باعدادهم وتنميتهم على ذلك .


فهذه التربية المواطنية التي هدفها الأول ومحورها الأساسي هم الأفراد الذين يجب إيصال المعرفة لهم وخلق الرغبة والشعور بداخلهم ، يجب ان تكون نضالية مستمرة ، تعمل على تغليب الانتماء إلى الوطن على أي انتماء سياسي آخر ، وان تتعامل مع المواطنين على انهم يمتلكون قدرات عقلية وانهم أحرار ، وانهم متساوون أمام القانون ، وأنها تسعى للخير المشترك للمواطنين جميعاً ، وان تخلق نوعاً من التوازن بين حقوق المواطنين وواجباتهم ، فبذلك تكون التربية المواطنية قد قامت بوظيفتها الفعلية وتكون قد حققت أهدافها بإعداد المواطنين وتنميتهم وفتح إدراكهم السياسي وبذلك يؤدي إلى تحقيق المواطنة الحقيقية المطلوبة في ظل نظام سيقال عنه أنه بالفعل نظام ديمقراطي يحترم المواطنة .

وسائل تدعيم وترسيخ مفهوم المواطنة البيئية وتحويلها إلى سلوك



·        يتم ذلك من خلال إستخدام الوسائل التربوية التالية، على سبيل المثال لا الحصر:
1.     إعداد وحدات تعلم ذاتى.
2.     تنفيذ مشرعات ميدانية لإعادة تدوير النفايات الصلبة .
3.     تنفيذ مشروعات ميدانية لترشيد إستهلاك المياه، وقياس ذلك كمياً – ومادياً.
4.     إعداد لوحات تعليمية مصورة Posters
5.     تنفيذ برامج تدريبية لقطاعات مختلفة من فئات المجتمع( العمال – الفلاحين- الحرفيين...إلخ)
6.     مسابقات ثقافية (شعرية- زجلية – قصصية – فنية) وتخصيص جوائز لها.
7.     تنظيم ندوات داخل مراكز الشباب ونوادى المرأة حول المواطنة البيئية .
8.     الإهتمام بالدراسات المستقبلية للقضايا البيئية فى ظل متغيرات متعددة ، وتأثير ذلك على السكان.
9.     حث أئمة المساجد على إستغلال خطب الجمعية والدوروس الدينية فى المساجد، والكنائس ، لمناقشة مفهوم المواطنة البيئية.
10.      إستخدام وسائل الإتصال الشخصى لشرح مفهوم المواطنة البيئية .
11.      إستخدام وسائل الإتصال الجماهيرى (كالندوات والمؤتمرات) لتحليل مفهوم المواطنة البيئية.
12.      المساهمة فى المهرجانات المدرسية، ونشر مفهوم المواطنة البيئية .
13.      إقامة اللوحات الإرشادية والتى تعالج عناصر مفاهيم المواطنة البيئة.
14.      تنفيذ برامج تدريبية للإعلاميين حول مفهوم المواطنة البيئية ومظاهره وكيفية دعمه.
15.      إستخدام وسائل، غير تقليدية فى البرامج التدريبية غير النظامية مثل:
-       عصف الذهن.
-       إستخدام طريقة حل المشكلات.
-       التقسيم إلى مجموعات.
-       إستخدام أساليب الدراسة المدانية.
-       إستخدام أسلوب عصف الذهن .
-       التعليم عن طريق العمل.
-       إستخدام الحقائب التعليمية
-       إستخدام الخطوط الإنسيابية.
-       إستخدام إخبارات قبلية – بعدية
-       إستخدام إختبارات لقياس الإتجاهات
-       إستنخدام الأشكال والرسوم البيانية السكانية وعلاقتها، بإستغلال موارد البيئية الطبيعية.
-       إستخدام أسلوب المناقشة والحوار.
-       إستخدام شبكات الإنترةنت
-       زيادة المحميات الطبيعية
-       إستخدام وحدات تعلم ذاتى.
15. إنتاج مطويات تعليمية بشكل مبسط للدارسين فى برامج محو الأمية وتعليم الكبار.
16. تنفيذ أنشطة للتربية البيئية فى المدارس والجامعات ونوادى المرأة حول المواطنة البيئية.
17. الإهتمام بسكان العشوائيات والمقابر وتوعيتهم بيئياً، وتوضيح حقائق المواطنة البيئية تجاههم .
18. إستخدام أمثلة من التكنولوجيات صديقة البيئة وتشجيع سكان المناطق المحلية على إستخدامها وإستعمالها والتوسع فى بيعها.

وتطبق الشبكة العربية للبيئة والتنمية، معظم هذه المصادر والوسائل التعليمية من خلال ورش العمل الى تعقدها فى مختلف الدول العربية، ومن خلال إصداراتها من الكتيبات ووحدات التعليم الذاتى- والمطويات واللوحات الإيضاحية، كما أنها تنفذ وسائل أساليب التدريب الحديثة غير التقليدية فى ورش العمل التى تعقدها فى مختلف الدول العربية كالتقسيم إلى مجموعات – وأسلوب عصف الذهن- وأسلوب المناقشة والحوار، والشفافية وممارسة الأساليب الديموقراطية بصورة عملية فى إتخاذ القرارات، كما أنها تطبق أسلوب الشراكة بين مختلف الفئات والهيئات، لتنفيذ مؤتمراتها وورش العمل التى تعقدها.
المصدر: د. محمد السيد جميل/ المكتب العربي للشباب والبيئة

الأربعاء، 21 أبريل 2010

فضيل بومالة:هذا ماتصنعه النخب في أمريكا ..ماذا تصنع النخب في بلادنا ؟




تقرير خاص :منتدى المواطنة .
كانت يوم 10افريل 2010 بفندق الريف ،الجلسة الثامنة لمنتدى المواطنة مع الاستاذ فضيل بومالة حول النخب وصناعة القرار في الغرب حالة الولايات المتحدة الامريكية .
نلخص بعض النقاط التي تحدث عنها المحاضر في مداخلته:
- ضرورة فهم الغرب من الداخل انطلاقا من انيتنا، مثلما فهمنا الغرب في السابق.
الحضارة انسانية وليست حكرا على جنس او دين او اقليم .
صناعة التاريخ تحتاج الى الانتقال بالانسان من الطبيعة الى الثقافة .
لماذا النخب بالجمع ؟ هناك مجموعة نخب وليست نخبة واحدة ، نخب اقتصاية نخب علمية نخب فنية.نخب صناعة القرار .
الغرب: نموذج للحضارة الانسانية رغم تناقضاته.الحديث عن الغرب حديث عن المدنية أي الخلاص الفردي بينما الحضارة خلاص جماعي.
صناعة القرار: التفكير الجماعي لنخب مختلفة لبناء السياسة العامة .
في امريكا لايمكن لصانع القرار ان يتخذ قراره دون ان يرجع الى/ثينك تانكس/ Think Tanksخزانات الافكار او مراكز البحث المختلفة .
لتجنب الارتجال المكرس عندنا .في امريكاهناك من يفكر وهناك من ينفذ .
السياسي لايفكر بل ينفذ ما يتوصل اليه اصحاب التفكير بعد الاستشارة والحوار.
في امريكا تتعدد النخب ومراكز صناعة القرار .
السياسة الامريكية مبنية على :
صناعة الافكار /خزانات الافكار
اتخاذ القرار.
التأثير في الراي العام
التأثير في المجتمع الدولي .
هناك حوالي 1500مراكزصنع القرار او مراكز بحث في الجامعات الخاصة والعامة .
هذه المراكز تقدم البحوث و الكتب وتطرح الاسئلة على المواطنين.
الجامعات الامريكية كلها تساهم في السياسة العامة الأمريكية .وكل مركز بحث له علاقة مباشرة مع المؤسسات الاقتصادية .الحكومة متعاقدة مع هذه المراكز ولايمكن ان تستغني عنها .
المخابر في الجزائر كثيرة لكن البحث العلمي غائب.
في امريكا كل شيء يدرس علميا لامجال للصدفة .المراكز تقدم البحوث والتحاليل للحكومة والمؤسسات لتبنى في ضوئها القرارات وتنفذ المشاريع .
الدولة الحديثة مبنية على العلم والديموقراطية .هناك 6 ملايين منظمة غير حكومة في امريكا ،تساهم في تنظيم المجتمع الامريكي في الداخل، ولهذا المجتمع الامريكي من الداخل ليس السياسة الخارجية .
هناك حوالي 6000 جامعة في امريكا. 46 منها في بوسطن وحدها.من اشهر الجامعات هارفارد وشيكاغو..هناك جامعات خاصة وأخرى عامة .تضم حوالي 18 مليون طالبا جامعيا.5 ملايين منهم اجانب من آسيا خاصة .تعتمد الجامعات الامريكية على استقطاب العقول والكفاءات .
هناك حوالي 4000 مكتبة جامعية متعددة الخدمات فيها الكتب والدوريات والمجلات المتخصصة .وكل وسائل الراحة والرفيه .اكبر مكتبة هي مكتبة هارفارد بها حوالي 15 مليون كتابا.
جامعة هافارد يدرس بها حوالي 40 حائزا على نوبل .استثماراتها 260 مليار دولار تخرج منها 8 رؤساء أمريكا منهم روزفلت فرانكلين كندي واوباما .
ماذا يمكن ان نستفيد من أمريكا ؟
الجامعات مراكز البحث المجتمع المدني
لابد من حسم مسألة السلطة وعلاقتها بالنخبة العلمية .بناء المجتمع والدولة .لابد من مجتمع جديد .اقتصاد جديد .نظام جامعي جديد .ومجتمع مدني ديناميكي فعال.
في ظرف قياسي دول مثل الهند وكوريا الجنوبية واسبانيا قفزت قفزة حضارية نوعية ، وكانت هي والجزائر في نفس الظروف .لكن هذه الدول حسمت مسألة الديموقراطية.
نخبنا تتقاتل من اجل الماضي السحيق بينما نخب الغرب تتسابق لدراسة المستقبل وفهمه فهما علميا لمائة سنة قادمة ..
ليس العيب أن نخطىء في التاريخ العيب ان نسكن في الزمن.

الثلاثاء، 20 أبريل 2010

فضــــيل بومالـــة يحاضـــر حــــول النخــــب وصنـــاعة القـــرار


 نقلا عن جريدة وقت الجزائر
فضــــيل بومالـــة يحاضـــر حــــول النخــــب وصنـــاعة القـــرار
اتخذ أوباما نموذجا
بقلم ا. ق
حل الدكتور فضيل بومالة ضيفا على مدينة العلمة بدعوة من الجمعية الثقافية منتدى المواطنة ; وناقش رفقة ثلة من باحثين و أساتذة من المنطقة موضوعا يتعلق بالنخب وصناعة القرار في الغرب آخذا الولايات المتحدة الأمريكية كنموذج لتطور هذا المجال خاصة بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة ; وقال أن الرئيس أوباما تسلم مقاليد الحكم; بطريقة ألهمت الملايين من الشعوب وتابعها العالم بأسره; معتبرا إياه كنموذج ناجح في نظام الحكم الديمقراطي الغربي .
وأعقب المحاضرة فتح مجال للمناقشة في الموضوع خاصة من ناحية الإسقاطات على الواقع العربي وتراجع دور النخب فيه من جهة،وهجرة هذه الأخيرة الى بلاد الغرب من جهة ثانية وقام بتشخيص الأسباب ومحاولة إيجاد الحلول والبدائل لذلك.
ويعتبر منتدى المواطنة من بين أهم الفعاليات الثقافية الفاعلة والمؤثرة بالمنطقة ككل، حيث سبق وأن استضاف عدة وجوه ثقافية وإعلامية وفكرية بارزة وطنيا ودوليا على غرار الكاتب والروائي أمين الزاوي والإعلامي جمال الدين حازرلي .

الأحد، 18 أبريل 2010

النخب وصناعة القرار في الغرب..الولايات المتحدة الأمريكية نموذجا..



بقلم : الطيب طهوري
استضاف منتدى المواطنة يوم 10أفريل 2010 في جلسته الثامنة الأستاذ الباحث فضيل بومالة للتحدث عن النخب وصناعة القرار في الغرب مستعرضا تجربة الولايات المتحدة الأمريكية كمثال حي عن تلك النخب في علاقتها بصناعة القرار ودورها فيه..
انطلقت الجلسة بكلمة عرف فيها رئيس المنتدى كمال قرور بالمحاضر مشيدا بدوره الفكري العميق والرائد ، حيث هو باحث في جامعة الجزائر يشتغل على موضوع النخب العسكرية والانتقال الديمقراطي..
بدأ المحاضر كلمته برأي سديد جاء فيه: لا أحب أن أكون وحيدا في تفكيري .إن عقولا متعددة تفكر أفضل من عقل يفكر وحده..أضاف: أريد أن أطرح جملة من الأفكار كي نفكر سويا فيما يمكن أن نبنيه معا..
ولأن النخب تحيل عادة إلى المثقفين تحدث عن الثقافة في الجزائر فقال إنها تشبه المقاومة في جنوب لبنان أو فلسطين حيث تصعب حركتها ( الثقافة ) بفعل الحصار المفروض عليها من كل الجهات ، وحيث الفضاءات الحرة منعدمة..
قال: ما أحوجنا إلى معرفة الغرب من الداخل دون أحكام مسبقة ، حتى نفهمه فهما صحيحا، ولا مفر لنا من ذلك لأنه(الغرب) فينا شئنا أم أبينا..
قال أيضا: إن للغرب جانبه الإنساني ..أضاف: الحضارة في جوهرها إنسانية ، ولا يمكن القول أبدا إنها إسلامية أو صينية أو غربية معاصرة.. إنها نتاج تراكم تجارب البشرية عبر كل العصور لا فرق في ذلك بين حضارة سماوية وحضارة بشرية. . كلتاهما تلتقيان في صناعة التاريخ بما يعنيه من صناعة للإنسان في حراكه الدائم مع الطبيعة والعقل لبناء الحضارة الإنسانية.. لأن هدف الحضارة الأساس هو الانتقال بالإنسان من مستوى الطبيعة إلى مستوى الثقافة..
انتقل بعد جملة هذه الأفكار التي رأى أنها تحتاج إلى التفكير فيها بجدية وبشكل جماعي إلى الحديث عن الموضوع الرئيس لمحاضرته .. قال: إن الحديث عن الغرب يفرض نقسه علينا، لأنه صار الأنموذج في كلياته ـ وبما فيه من صراعات واختلافات ـ للحضارة الإنسانية..
أضاف: لقد انتقل الإنسان من مرحلة الثنائية القاتلة ( الشرق الاشتراكي والغرب الرأسمالي) إلى مرحلة الابتعاد عن الدوغمائيات من أجل الوصول إلى المجتمع المفتوح الذي يجد الكثيرـ للأسف ـ من المقاومات التي تحاول الحد منه.. ومن هذا المنطلق قال: لا بد من إعادة تصور وتمثل الإنسان في التاريخ..
قال بعد ذلك إن تعدد النخب ضروري في مناحي الحياة الاجتماعية المختلفة : ثقافة وسياسة واقتصادا...إلخ..مبينا أن صناعة القرار في كل تلك المناحي هي في ال (و م أ ) نتاج تفكير جماعي نخبي يعمل على إيجاد الاستراتيجيات على المستوى المتوسط والبعيد ، وهي الاستراتيجيات نفسها التي توجد الخيارات المختلفة التي تقدم إلى صاحب اتخاذ القرار .. ومن هذا المنطلق تكون وظيفة السلطة هي التنفيذ في الأساس أما التفكير فهو من اختصاص النخب الحرة ،من خلال مراكز البحوث والجامعات التي تقدم الجديد من الأفكار والمشاريع التي تؤثر في توجهات المجتمع الأمريكي داخليا ، وحتى في توجهات المجتمع العالمي .. وكيف لا تؤثر وعددها يتجاوز ال 1500 خلية تفكير ومراكز بحث جامعية ؟، وهو ما يعني ان كل الجامعات الأمريكية التي يقدر عدها بحوالي ال 6000 جامعة يؤمها حوالي ال 18 مليون طالب ، 5 0 ملايين منهم أجانب من آسيا خاصة ،وبعدد مكتبات يتجاوز ال 5000 مكتبة جامعبة ، كل مكتبة منها تتوفر على فضاءات بحث ومراكز سينما وأماكن استرخاء تتيح للباحث الاستماع للموسيقى مثلا وتجديد قدراته النفسية والعقلية لمواصلة بحثه ، أكبرها مكتبة جامعة هارفارد التي تتوفر وحدها على 15 مليون كتاب ، وهي كلها جامعات تساهم في صناعة السياسة العامة ، حيث الدولة زبون دائم عندها يأخذ وجهات نظرها في كل القضايا..ضف إلى ذلك أن تلك المراكز البحثية يطبعها التخصص الصارم في كل شيء ، حيث لا مجال للصدفة أو الاتكالية أبدا ،مستدلا على ذلك بوجود حتى من هو متخصص في الاتحاد العام للعمال الجزائريين ، مبينا أن سياسة أمريكا يطبعها الاستقطاب المتواصل للذكاء العالمي مستدلا على ذلك أيضا بوجود من هم مختصون في البحث عنها في المغرب العربي مثلا ..
وإلى جانب كل ذلك نجد السلطة في أمريكا تشرك وبإصرار المجتمع المدني الذي يقدر تعداده بحوالي ال 06 ملاين منظمة غير حكومية ، كلها تشتغل لبناء المجتمع الأمريكي بما يجعله مجتمعا مسؤولا يفرض على السياسيين تأدية واجباتهم على أكمل وجه وذلك من خلال تهديدهم بالبديل الديمقراطي الانتخابي.. كما نجد أيضا آلاف التنظيمات التي تعمل على حل ما يقع من نزاعات سواء بين الأفراد أو الجماعات، خلافا لما نحن عليه حيث ننتج بؤر التوتر لكننا لا نوجد آليات حلها...
أكد بومالة أثناء محاضرته على أن الإسلام قد صار ينظر إليه في الغرب على أنه منظومة لا تنتج إلا العنف..متسائلا بكيفية غير مباشرة : ماذا يجب علينا فعله للنغيير من تلك النظرة ؟.. ما هي الوظيفة الحضارية التي يمكننا من خلالها الإضافة للبشرية ما يفيدها ويجعلنا من ثم مساهمين في بناء حضارتها بدل ما نحن عليه الآن حيث مساهمتنا ضعيفة جدا؟.. ماذايجب أن نفعل حتى نصير مثل الهنود والصينيين الذين أصبحوا مؤثرين فعلا فيها( الحضارة المعاصرة)؟..
مجيبا على تلك التساؤلات وغيرها بالقول : يجب علينا أن نثور مفاهيمنا عن الدين .علينا ان نكوِّن منظومات مؤسساتية تكون وظيفتها الأساسية إحداث التغيير..
علينا أن نستفيد من عظمة أمريكا حتى نخرج من ورطاتنا التاريخية ..علينا أن نزيد من عدد الجامعات ، وننشئ الكثير من مراكز البحوث ونفعِّلها ..علينا ان نسمح بنشوء المجتمع المدني الحقيقي ونفسح له مجال المشاركة الفاعلة في الاختيار الديمقراطي للمسؤولين في مختلف مستويات التسيير ومراقبتهم ومحاسبتهم .. إلخ.. علينا أن نحل نهائيا مسألة السلطة وعلاقتها بالنخبة ، حيث يستحيل بناء دولة دون ذلك..وهي للأسف الشديد أمور مفتقدة بشكل يكاد يكون كليا في جزائراليوم التي صارت متخلفة بأشواط كبيرة عن دول كانت في نفس مستواها الاقتصادي في الستينات والسبعينات مثل كوريا الجنوبية وإسبانيا..وعلق ضاحكا: لقد صار المسلمون يمتلكون قدرة (عجيبة ) على التكيف مع كل ما هو سيئ..
في النقاش الذي فتح بعد نهاية المحاضرة طرحت الكثير من الأسئلة العميقة الجادة والمسؤولة والحرة أيضا..مثل: لماذا لا توجد عندنا نخب فاعلة بالكيفية التي هي عليها في أمريكا والغرب عموما؟..ما الظروف السياسية والثقافية والاجتماعية والأخلاقية التي أتاحت لأمريكا والغرب عموما تحقيق ماهم عليه الان؟..ما دور العلمانية في ذلك ؟.. هل الديمقراطية إجراءات شكلية بحته كما جاء في المحاضرة أم هي منتوج مناخ ثقافي وعقلي واجتماعي حداثي عام عرفه الغرب ، ومن ثمة لايمكن تبيئتها محليا إلا بالنضال من أجل الترسيخ للحداثة في مجتمعاتنا..؟..
ما علاقة العلمانية بالديمقراطية؟.. هل يمكن تصور وجود ديمقراطية دون علمانية؟ .. ما المعيقات التي منعت مجتمعاتنا العربية وتمنعها من تحقيق قفزة التغيير المنشود لتحقيق ما تحقق في الغرب ؟..ما دور الدين والاستبداد الفكري والثقافي الذي يمارس من قبل الناطقين باسمه المحتكرين له في ذلك؟.. ما دور الاستبداد السياسي الذي تمارسه الأنظمة الحاكمة في بلدانا العربية؟..هل يمكن تحقيق القفزة المطلوبة دون علمانية ...؟..
أجاب المحاضرعن كل الأسئلة دون تمييز وبتوسع ..ما لفت انتباهي حقا في إجاباته قوله أن العلمانية ضرورية لمحتمعات التعدد الطائفي مثلا ، وهو ما أوحى لي بأنها ليست ضرورية لمجتمعاتنا التي لا طوائف فيها..؟
ولم يكن متاحا لي لأسأل : هل يعني ذلك إمكانية يناء الدولة في مجتمعنا على أسس دينية بما يجعلها دولة دينية مثلا؟.. وأي دولة دينية يا ترى: أهي دولة الفيس أم دولة حماس أم دولة..؟. وهل نعتبر تلك الدولة دولة دينية أم هي دولة إيديولوجية تغطي مشروعها البشري بغطاء الدين الذي يبنى على ادعاء امتلاكه الحقيقة المطلقة؟.. ما مصير الذين يعارضون مشروع تلك الدولة الذي هو مشروع ـ كما قلت ـ يدعي أنه يطبق الدين؟
عرض: الطيب طهوري

الجمعة، 16 أبريل 2010

هكذا تكلم فضيل بومالة في منتدى المواطنة ..



التدين يقتل الدين .
على النخب العسكرية ان تفهم أن التغيير لابد منه.
الدول لاتبنى بالنوايا.
هاك من هبطوا من الجبل بعد ان شاهدوا حصصي التلفزيونية .
هناك ذهنية للتعايش مع التخلف.
على اي شيء بايع الجزائريون الامير عبد القادر؟
حمودة بن ساعي ولد يوم مات .
الحاج لخضر وضع طبيبه الخاص تحت تصرف حمودة بن ساعي قبل وفاته.
الحضارة الاسلامية ليست اسلامية .
الاسلام جاء ليكمل .
الهنود والصينيون والكوريون يطرحون السؤال ماهو دورنا في الحضارة الغربية .
لماذا نحن لانطرح مثلهم هذا السؤال .؟
اصبح الاسلام بما لحقه من المسلمين مرادفا للعنف .
الشعوب لاخرى فهمت الاسلام وتفاعلت معه أكثر من العرب انفسهم .
العصا انتقلت الى المسلمين والقلم انتقل الى الغرب للاسف .
الدولة الامريكية زبون الجامعات.
لماذا كان الحزب الواحد يرشح رابح بيطاط في البويرة؟
هناك باحث امريكي متخصص في اتحاد العمال الجزائريين
وآخر متخصص في الحسبة .في الاسلام .
سن مستشاري الرئيس اوباما لايتعدى 45 سنة .
على الولاة ورؤساء البلديات ان يحيطوا انفسهم بالمستشارين .مهمتهم التنفيذ وليست التفكير .
نصدر الثروة ونستورد الفقر .نصدر العلم ونستورد الجهل .
عطل مشروع جامعة الجزائر اثاء الاحتلال الفرنسي أكثر من 30 سنة بسبب الزلابية .
اذا كانت امريكا حكمها 8 رؤساء تخرجوا من هارفارد ..فان الجزائر يحكمها امثال علي الغسال ..الذين تعلموا في مدرسة الشارع .
علينا ان نؤسس جمعية "النداب " ..
مجتمعنا يقاوم كل ماهو عقل وذكاء .
ديكتاتوريات في العالم ساهمت في تقدم بلدانها مابال ديكتاتورياتنا ساهمت في تخلف بلادنا .؟
ملك اسبانيا اعاد الاعتبار للديموقراطية ودافع عنها وانقذها .

الاثنين، 12 أبريل 2010

المواطنة بين مثاليات الجماعة وأساطير الفردانية



هبة رؤوف

د.هبة رؤوف
د.هبة رؤوف
تُعَدُّ "المواطنة" أحد المفاهيم الرئيسية في الفكر الليبرالي منذ تبلوره في القرن السابع عشر كنسق للأفكار والقيم، ثم تطبيقه في الواقع الغربي في المجالين الاقتصادي والسياسي في القرنين التاليين، وما ترتب على ذلك من آثار على الترتيبات الاجتماعية والعلاقات الإنسانية في القرن العشرين ثم مطلع قرننا هذا.
وإذا كانت الليبرالية عند نشأتها قد دارت حول فكرة الحرية الفردية والعقلانية وتقوية مركز الفرد في مجتمع سياسي قام على قواعد عصر النهضة على أبنية اجتماعية حاضنة وقوية، فإن مفهوم المواطنة قد تطور وتحوّر عبر مسيرة الليبرالية ليتركز حول خيارات الفرد المطلقة وهواه كمرجع للخيارات الحياتية والسياسة اليومية في دوائر العمل، والمجتمع المدني، والمجال العام، ووقت الفراغ، وليصبح "المفهوم المفتاح" الذي لا يمكن فهم الليبرالية وجوهرها دون الإحاطة بأبعاده المختلفة وتطوراته الحادثة المستجدة، حيث يستبطن تصورات الفرد، والجماعة، والرابطة    السياسية، ووظيفة الدولة، والعلاقات الإنسانية، والقيم والأخلاق.
عودة المواطنة
وقد شهد هذا المفهوم تغيرات عديدة في مضمونه واستخدامه ودلالته، فلم يعد فقط يصف العلاقة بين الفرد والدولة في شقها السياسي القانوني كما ساد سابقاً، بل تدل القراءة في الأدبيات والدراسات السياسية الحديثة على عودة الاهتمام بمفهوم "المواطنة" في حقل النظرية السياسية بعد أن طغى الاهتمام بدراسة مفهوم "الدولة" مع نهاية الثمانينيات، ويرجع ذلك لعدة عوامل، أبرزها الأزمة التي تتعرض لها فكرة الدولة القومية التي مثلت ركيزة الفكر الليبرالي لفترة طويلة؛ وذلك نتيجة عدة تحولات شهدتها نهاية القرن العشرين:
أولها: تزايد المشكلات العرقية والدينية في أقطار كثيرة من العالم، وتفجر العنف بل والإبادة الدموية، ليس فقط في بلدان لم تنتشر فيها عقيدة الحداثة من بلدان العالم الثالث بل أيضاً في قلب العالم الغربي أو على يد قواه الكبرى، بدءاً من الإبادة النازية لجماعات من اليهود، ومروراً بالإبادة النووية في هيروشيما، ومؤخراً الإبادة الصربية للمسلمين، والإبادة الأمريكية للعراقيين وللأفغان، والإبادة الجارية للفلسطينيين.
وثانيها: بروز فكرة "العولمة" التي تأسست على التوسع الرأسمالي العابر للحدود وثورة الاتصالات والتكنولوجيا من ناحية أخرى، والحاجة لمراجعة المفهوم الذي قام على تصور الحدود الإقليمية للوطن والجماعة السياسية وسيادة الدولة القومية، وكلها مستويات شهدت تحولاً نوعياً.
وعلى صعيد آخر فإن نمو الاتجاهات الأصولية المسيحية واليمينية المتطرفة في البلدان التي مثلت مهد التجربة الليبرالية قد أدى إلى مراجعة المفهوم والتأكيد على محوريته لمواجهة هذه الأفكار وآثارها في الواقع السياسي والاجتماعي الغربي المعقد مع وجود أقليات عرقية ودينية منها العرب والمسلمون، هذا فضلاً عن وصول الفردية كفكرة مثالية لتحقيق حرية وكرامة الفرد إلى منعطف خطير في الواقع الليبرالي، بعد أن أدى التطرف في ممارستها وعكوف الأفراد على ذواتهم ومصالحهم الضيقة إلى تهديد التضامن الاجتماعي الذي يمثل أساس وقاعدة أي مجتمع سياسي، وتراجع الاهتمام بالشأن العام لصالح الشأن الخاص، وتنامى ما يسميه البعض "موت السياسة" وبروز "سياسات الحياة اليومية".
نهاية التاريخ
والإشكالية التي تهم العقل العربي والمسلم في هذا الصدد هي أن الفكر الليبرالي لم يؤدِّ إلى تأسيس تجارب ديمقراطية في العالم الغربي فقط، بل يطرح نفسه الآن وبشكل شبه منفرد كبديل للواقع السياسي والفكري في دول العالم الثالث التي تشهد تحولاً نحو الديمقراطية، كما في أطروحة "نهاية التاريخ" وإعلان انتصار الليبرالية النهائي لباحث مثل فوكوياما، أو كطرف متماسك ومتجانس ومتقدم في مقابل حضارات أخرى (أو أدنى) في أطروحة مثل "صراع الحضارات" لهنتنجتون. فخيار المواطنة صار مثالية تروج لها الرأسمالية الليبرالية في الدول غير الغربية، ويتم تقديمها كحل لمشكلات الجنوب "على طريق التقدم" يرتهن بتحول الرابطة السياسية داخل مجتمعاتها من رابطة تراحمية عضوية أو قرابية -ريفية أو قَبَلية- إلى رابطة تعاقدية علمانية و"مدنية" للمواطنة؛ لذا فإن فهم دلالات "المواطنة" كرابطة تزعم أنها تجبّ روابط الدين والعرقية والأيدلوجية لَهُو أمر يحتاج مزيد تأمل وتقص، وتحريرا وتقويما، واختبارا في الواقع التاريخي بين النجاح والإخفاق.
من المواطن الرشيد للمواطن المستهلك
لقد أدت التطورات السالفة الذكر التي شهدتها الساحة الدولية في العقود الأخيرة إلى تركيز بعض الدراسات على ظواهر وأحداث كان لها أكبر الأثر في تغيير مفهوم المواطنة ليشمل أبعادًا جديدة . فكتابات النظرية السياسية الليبرالية الأولى التي كان مفهوم العقلانية والرشد فيها مرتبطًا بالقيم المثالية والفلسفية ما لبثت أن تناولت مفهوم المنفعة بمعنى ذاتي/ نفسي ثم بمعنى اقتصادي/ مادي، وربطت في مجملها بين المفاهيم النظرية السياسية والرؤى الاقتصادية وهو ما أسماه البعض بالتحول من الديمقراطية الليبرالية إلى الليبرالية الديمقراطية بتقديم الاقتصادي على السياسي وغلبة المادية على الفكر الليبرالي. وما لبث الاقتصاد الليبرالي أن تحول من ليبرالية كلاسيكية تتحفظ على تدخل الدولة لليبرالية جديدة تؤكد على تدخل الدولة من أجل تحقيق الرفاهة في مجالات الأمن الاجتماعي. وهكذا صارت رابطة "المواطنة" منافع وحقوقا مادية محددة يطالب بها المواطن في مجالات الصحة والتعليم تهبط بالحقوق العامة السياسية لتفاصيل منافع مادية مباشرة، أي تم التركيز على الحقوق وليس الواجبات. ومن ناحية أخرى كان هذا يعني مزيدا من سلطة الدولة في الوقت الذي كانت تحولات الاتصال والعولمة ترشحها فيه للتآكل والذبول، فاستردت دورها في التوزيع السلطوي للقيم -المادية والمعنوية- وما لبثت أن بدلت هذا الدور شكلا في ظل تنامي الحديث عن الإدارة السياسية (Governance) عبر الحديث عن الشراكة بين الدولة والمجتمع المدني ورجال الأعمال، رغم أن سلطتها لا تقارن بالطرفين الآخرين، ونفوذها يخترقهما على شتى المستويات.
وعبر تفاعل هذه المعطيات تحول مفهوم المواطنة لدلالات نفعية وذاتية فردانية أعمق، كما صار مؤسساً على واقع معقد لا يثمر نتائجه المثالية الأصلية المنشودة بسبب وجود الدولة الطاغي، رغم تحول هذا الوجود نوعياً وتغير وجهه وتجلياته بما أوحى للبعض بضعفها أو تراجع دورها لصالح آليات السوق العالمي، وهو ظن غير دقيق.
هذا التناقض توازى أيضاً مع بروز تيارين متعارضين:
أولهما: واقعي، يرتبط بالتأكيد المتنامي على المصلحة المباشرة (الآن وهنا) ويهمش المثاليات الكبرى والمنافع الجماعية والمؤجلة (التي انبنت عليها نهضة الرأسمالية الأولى).
ثانيهما: تنويري، يتمثل في مناداة بعض الكتابات بإدخال البعد الأخلاقي في النظرية الاقتصادية، أي تجاوز الاقتراب الاقتصادي المادي النفعي لفهم السلوك الإنساني وتفسيره والتنبؤ به، واستعادة الأبعاد الإنسانية/ الاجتماعية/ الأخلاقية في النظرية والتحليل الاقتصادي، وهو ما يستلزم ربط مفهوم المواطنة عند تحليله بالأسئلة الكلية في الفكر الليبرالي، وأبرزها تصورات الفرد وتعريف السياسة وما يترتب على ذلك من تصور لطبيعة المجتمع السياسي. كذلك فإنه على الرغم من تناول العديد من الكتابات الليبرالية المعاصرة للتغيرات التي تتعرض لها المجتمعات الليبرالية في المجالات الاقتصادية والتقنية واستخدام مصطلحات جديدة تصف المجتمع والدولة في الواقع الليبرالي، مثل "مجتمع ما بعد الصناعة" أو "الدولة المتسعة" أو "الرأسمالية في شكلها الأخير" واختلاف مفهوم "القوة" في ظل التطور التكنولوجي والاتصالي وما لذلك من انعكاس على مفهوم السيادة -فإن الباحث نادراً ما يجد دراسة تقدم رؤية بانورامية للتحول الذي تم وتفسره بدلاً من أن تكتفي بوصفه وحسب. ولعل من أبرز الكتابات باللغة العربية الرائدة في هذا الاتجاه كتابات الاقتصادي المصري الفقيد الراحل أ.د. رمزي زكي.
مساحات جديدة ومسافات فكرية واسعة
 المواطنة..أسئلة حائرة
مع تنامي عولمة الرأسمالية وهيمنة الرؤى الليبرالية الجديدة لم يعد ما نحن بصدده عند الحديث عن المواطَنَة هو المفهوم البسيط، ولا بقي السؤال هو: مواطنة أم لا مواطنة؟ على غرار : نهضة أم تخلف؟ حضارة أم ضد الحضارة؟ (أسئلة اللحظة التاريخية الأمريكية الراهنة).
الواقع أكثر تعقيداً من ذلك وهذه التصورات مضللة.. ومضلّة.
أي مواطنة؟ هذا هو سؤال اللحظة الوجودية الإنسانية الحقيقي: مواطنة تنويرية تحترم الفرد وتؤسس مجتمعاً يكتسب وجوده الجمعي من تجاوزه لقوى الطبيعة وتصوره الإنساني للإنسان، أم مواطنة رأسمالية مدينية مابعد حداثية؟
مواطنة قانونية شكلية متساوية ذات بعد واحد، أم مواطنة مركبة عادلة اجتماعية ديمقراطية ثقافية في ظل مشروع حضاري إنساني؟
مواطنة تتحدث عن الحرية والمساواة والجسد السياسي والعدل والشورى، أم مواطنة تتحدث عن اختزال القيم السياسية في حرية الجسد وتفكيك المجتمع لصالح نوع ضد نوع أو ثقافة ضد ثقافة ونفي التجاوز في الإنسان والتاريخ، وإعلاء سياسات الجسد واللذة على الجسد السياسي والخير العام والقيمة الإنسانية؟
مواطنة في أي سياق مكاني؟ مواطنة التنوير والليبرالية في المدن الاجتماعية ذات الطابع الثقافي والمسافات الإنسانية، أم مواطنة المدن الرأسمالية العالمية السرطانية المعادية للمجتمع والقائمة على "التجمع" الذي يحسب حسابات الاقتصاد وتدويله قبل حسابات الهوية والجماعة والثقافة؟
ثم أخيرًا، مواطنة التدافع من أجل الغايات الإنسانية والنفع العام والسعي في دروب التطور الاجتماعي التاريخي، أم مواطنة اللحظة المتخيلة في تفاعل الشبكة الاتصالية الفردي التي تعيد تشكيل الوعي بالذات والهويات والأنا والآخر والـ"نحن"، وتعيد تشكيل مفاهيم الزمن والمكان بدون محتوى اجتماعي تفاعلي كما عرفته البشرية، وتعيد تشكيل حدود الخاص والعام وتهدد مفهوم المواطنة في كل تصوراته السابقة؟
هذه هي الأسئلة وتلك هي مساحات الاجتهاد والجهاد.

الساعة بتوقيت الجزائر تشير الى

 

Copyright 2008 All Rights Reserved | الجزائر للسياحة Designed by Bloggers Template | تعريب وتطوير : قوالب بلوجر معربة