الخميس، 6 مايو 2010

المواطنة حقوق وواجبات


المواطنة حقوق  وواجبات
البحث الفائز بالمستوى الأول بإدارة شمال سيناء التعليمية والسابع على مستوى الجمهورية
محمد فوزى محسن منصور
الصف الأول الثانوى
 بسم الله الرحمن الرحيم
يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم
 [الحجرات 13].
ياأيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد كلكم لآدم وآدم من تراب
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
مقدمة
         من سنن الله أن يتجاور في الاجتماع الإنساني أهل مختلف الملل والنحل، كما يتجاور فيه أهل الألوان والألسنة. وهم جميعا إخوة لأب وأم، وإن تباعد بمعاني الأخوة الإنسانية طول الأمد بين الأصول والفروع. ولذلك قرر القرآن هذه الحقيقة في قوله:
      {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم} [الحجرات 13].
      وفي الحديث الصحيح: "يا أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد: كلكم لآدم وآدم من تراب".
    ولقد تطور المجتمع الإنساني من التطور البطء لبساطة الحياة في تلك الآونة إلى المرحلة الحديثة التي نمر بها والتى أصبحت الثانية الواحدة تمر وقد تغيرت الحياة بشكل يختلف عن الثانية التى سبقتها وفى هذا العصر الذى تعقد فيه دور الدولة وظهور المواثيق الدولية ومنظمات حقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدنى بحيث أصبحت حقوق الإنسان ليس من حق  الدولة فى إعطائها أو منعها ولكنها لابد أن تساير تلك القوانين والحقوق وإلا أصبحت عرضة للمسائلة الدولية.
    من هنا ظهرت عدة مصطلحات مثل حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية والمواطنة .. الخ وهذه المصطلحات قد يختلف تفسيرها من قطر لآخر نظرا للاختلاف بين هذه الأقطار من الناحية الاجتماعية والعقائدية والتركيبة السكانية ولقد تعددت محاولات المجتمع الدولى لتوحيد تلك المفاهيم لتلك المصطلحات أو على الأقل التوصل لمفهوم وسط يراعى الأخوة الإنسانية بين البشر .
     وفى هذا البحث سوف نتاول مصطلح ( المواطنة ) مع الاستعانة بالمراجع التى صدرت فى شرح هذا المصطلح من حيث المعنى والبعد التاريخى والتطبيق العملى والتوصيات التى يمكن أن تعود على المواطن من خلال تعميق هذا المفهوم راجين أن يعود بالنفع على بلدنا الحبيب مصر الذى نفخر بالانتماء له .
معنى المواطنة
       المواطنة والمواطن مأخوذة في العربية من الوطن : المنزل تقيم به وهو " موطن الإنسان ومحله" ، وطن يطن وطناً : أقام به ، وطن البلد : اتخذه وطناً ، توطن البلد : أتخذه وطناً ، وجمع الوطن أوطان : منزل إقامة الإنسان ولد فيه أم لم يولد ، وتوطنت نفسه على الأمر : حملت عليه ، والمواطن جمع موطن : هو الوطن أو المشهد من مشاهد الحرب(1)
قال الله تعالى: " لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ..." (2)،والمواطن الذي نشأ في وطن ما أو أقام فيه (3)  وأوطن الأرض : وطنها واستوطنها ، و اتطنها أي أتخذها وطنا ً . (4)  ومواطنة : مصدر الفعل واطن بمعنى شارك في المكان إقامة ومولداً لأن الفعل على وزن (فاعل )
      أما في الاصطلاح فالوطنية تأتي بمعنى حب الوطن Patriotism في إشارة
واضحة إلى مشاعر الحب والارتباط بالوطن وما ينبثق عنها من استجابات عاطفية ، أما المواطنة Citizenship فهي صفة المواطن والتي تحدد حقوقه وواجباته الوطنية ويعرف الفرد حقوقه ويؤدي واجباته عن طريق التربية الوطنية ، وتتميز المواطنة بنوع خاص من ولاء المواطن لوطنه وخدمته في أوقات السلم والحرب والتعاون مع المواطنين الآخرين عن طريق العمل المؤسساتي والفردي الرسمي والتطوعي في تحقيق الأهداف التي يصبو لها الجميع وتوحد من أجلها الجهود .
      وتشير دائرة المعارف البريطانية إلى أن المواطنة " علاقة بين فرد ودولة كما
يحددها قانون تلك الدولة متضمنة مرتبة من الحرية وما يصاحبها من مسؤوليات وتسبغ عليه حقوقاً سياسية مثل حقوق الانتخاب وتولي المناصب العامة . وميزت الدائرة بين المواطنة والجنسية التي غالباً ما تستخدم في إطار الترادف إذ أن الجنسية تضمن بالإضافة إلى المواطنة حقوقاً أخرى مثل الحماية في الخارج
في حين لم تميز الموسوعة الدولية وموسوعة كولير الأمريكية بين الجنسية والمواطنة فالمواطنة في ) الموسوعة الدولية) هي عضوية كاملة في دولة أو بعض وحدات الحكم، وتؤكد الموسوعة أن المواطنين لديهم بعض الحقوق مثل حق التصويت وحق تولي المناصب العامة وكذلك عليهم بعض الواجبات مثل واجب دفع الضرائب والدفاع عن بلدهم
 وفي موسوعة (كولير)الأمريكية المواطنة هي " أكثر أشكال العضوية اكتمالا في جماعة سياسية ما "
والخلاصة أن المواطنة اصطلاح يُشير إلى الانتماء إلى أمة أو وطن. بمعنى العضوية الكاملة والمتساوية في المجتمع بما يترتب عليها من حقوق وواجبات، وهو ما يعني أن كافة أبناء الشعب الذين يعيشون فوق تراب الوطن سواسية بدون أدنى تمييز قائم على أي معايير تحكمية مثل الدين أو الجنس أو اللون أو المستوى الاقتصادي أو الانتماء السياسي والموقف الفكري،
نبذة تاريخية
     يعتبر تاريخ مفهوم المواطنة قديماً يعود إلي زمن الديمقراطية المباشرة الإغريقية التي تعتبر أساس ديمقراطية عالم اليوم ، حيث يرجع أصل استعمال مفهوم المواطنة الى الحضارتين اليونانية والرومانية ، فقد استعملت    الألفاظ   civis (المواطن ) civitas    ( المواطنة ) في هاتين الحضارتين لتحديد الوضع القانوني والسياسي للفرد اليوناني والروماني .
      كانت الديمقراطية اليونانية القديمة مبنية على أساس أن المدينة تحكم من اجل الأكثرية والحرية هي مبدأ الحياة العامة وكانت الحكومة اليونانية في طابعها دولة مدنية ، وكانت الروابط بين المواطنين فيها وثيقة بدرجة كبيرة بسب القرابة والصداقة والجيرة التي كانت تجمعهم ،واشتراكهم في الحياة العامة اليومية ، وكانت تجمعهم لغة واحدة ودين عام ، و كانت تجمعاتهم ومباحثاتهم تتم في ساحة السوق وبالتالي كان المواطنين يقضون معظم وقتهم في المدنية وهذا كله أدى إلى أن يكون ولاء المواطن اليوناني لدولة المدينة وليس لمجموعة معينة أو لعائلته أو لعشيرته أو لبلدته . كانت المواطنه اليونانية حقاً وراثياً محصوراً في أبناء أثينا من الرجال ولم تكن الإقامة مؤهلاً يعتد به لنيل حق المواطنة فقد استثني من حق المواطنة الغرباء المقيمين والأطفال والنساء والعبيد المحررين وغير المحررين فقد كانوا جميعاً محرومين من الحق في المواطنة لذلك كان عدد المواطنين من سكان اثينا الذين كانوا يبلغون ما بين 300 ألف إلى 400 ألف رجل ، كان عدد المواطنين منهم يتراوح ما بين 20 ألف إلى 40 ألف رجل فقط كانت المواطنة في الدولة الاثينية اكبر من مجرد حق في الاقتراع فقد كانت مسؤولية تتضمن حق المشاركة في حكم المدينة اليونانية بشكل فعلي ،أو على الأقل حضور الاجتماع الذي كان يعقد في المدينة للتباحث في شؤون الحياة العامة (5)
     ولقد أقترن مبدأ المواطنة بحركة نضال التاريخ الإنساني من أجل العدل والمساواة والإنصاف . وكان ذلك قبل أن يستقر مصطلح المواطنة وما يقاربه من مصطلحات في الأدبيات السياسية والفكرية والتربوية، وتصاعد النضال وأخذ شكل الحركات الاجتماعية منذ قيام الحكومات الزراعية في وادي الرافدين مروراً بحضارة سومر وآشور وبابل حضارات الصين والهند وفارس وحضارات الفينيقيين والكنعانيين
       وأسهمت تلك الحضارات وما انبثق عنها من أيديولوجيات سياسية في وضع أسس للحرية والمساواة تجاوزت إرادة الحكام فاتحة بذلك آفاقاً رحبة لسعي الإنسان لتأكيد فطرته وإثبات ذاته وحق المشاركة الفعالة في اتخاذ القرارات وتحديد الخيارات الأمر الذي فتح المجال للفكر السياسي الإغريقي ومن بعده الروماني وقد أكد كل من الفكر السياسي الإغريقي والروماني في بعض مراحلهما على ضرورة المنافسة من أجل تقلد المناصب العليا و أهمية إرساء أسس مناقشة السياسة العامة باعتبار ذلك شيئاً مطلوباً في حد ذاته وأفرزت تلك التجارب التاريخية معانٍي مختلفة للمواطنة فكراً وممارسة تفاوتت قرباً وبعداً من المفهوم المعاصر للمواطنة حسب آراء المؤرخين .
تطورت فكرة المواطنة في المدن الإغريقية والرومانية منذ القرن السابع قبل الميلاد. وكان الإغريق والرومان ينظرون إلى المدن بوصفها مجتمعات ذات تنظيم مشترك أكثر من كونها وحدات جغرافية. ارتبط نسيج العلاقات الاجتماعية بين المواطنين في هذه المجتمعات بوشائج الصداقة والعلاقات العائلية. ولم يكن كل سكان المدن الإغريقية مواطنين. فقد حرمت القوانين العبيد من التمتع بحقوق المواطنة.
شتملت حقوق المواطنين الإغريق على حق ملكية الأرض والمشاركة في الحكومة. أما الواجبات فقد انحصرت في حق التصويت وحضور الاجتماعات الحكومية وشغل وظائف في هيئات المحلفين وأداء الخدمة العسكرية. وتمتع المواطنون الرومانيون بامتيازات خاصة منها حق التملك وإبرام العقود وكتابة الوصايا وحق التقاضي.
أدى اتساع رقعة الأقاليم التي خضعت لحكم الرومان إلى سفر مواطنيها إلى أصقاع بعيدة لعدة أسباب؛ كالاشتراك في الحروب، وممارسة التجارة. وكان هؤلاء المواطنون يتمتعون بجميع حقوقهم أثناء تجوالهم في مختلف أصقاع الإمبراطورية الرومانية. أدت جميع هذه التطورات إلى قيام الحكومة الرومانية بمنح الجنسية لأشخاص لم تسبق لهم الإقامة في روما. واستمر التوسع في منح المواطنة الرومانية حتى بلغ ذروته عام 212م حين منحت الحكومة الرومانية الجنسية إلى معظم رعاياها في الإمبراطورية، إلا أنها استثنت طبقة العبيد من هذا الحق.

ارتبطت الجنسية أو المواطنة أثناء فترة العصور الوسطى (400 - 1500م) بالانتماء إلى المدن. وقد ارتبطت هذه المدن في أذهان الناس في تلك الفترة بكونها مناطق جغرافية يقيم فيها الناس. أدى هذا التطور في القرنين السادس عشر والسابع عشر إلى قيام الدولة القومية؛ الأمر الذي تمخضت عنه فكرة الانتماء إلى الأمة. وقد كان ولاء المواطنين في أغلب هذه الأمم موجهًا للملك أو الملكة وكان يطلق عليهم اسم رعايا.
بدأت الديمقراطية في التطور في مطلع القرن السابع عشر؛وقد أدى ذلك إلى انتقال الولاء من الحاكم إلى الأمة. ونتيجة لتغيير الانتماء حلّت كلمتا المواطنة والوطني محلّ كلمة الرعايا.
الإسلام والمواطنة
كان أول لقاء بين الإسلام - الدولة - وبين غير المسلمين المواطنين في دولة إسلامية هو الذي حدث في المدينة المنورة غداة الهجرة النبوية إليها.
وكان لا بد للدولة من نظام يرجع أهلها إليه، وتتقيد سلطاتها به (دستور). عندئذ كتبت بأمر الرسول صلى الله عليه وسلَّم - والغالب أنها كتبت بإملائه شخصيا - الوثيقة السياسية الإسلامية الأولى المعروفة تاريخيا باسم: وثيقة المدينة، أو صحيفة المدينة، أو كتاب النبي صلى الله عليه وسلَّم إلى أهل المدينة، أو كما يسميها المعاصرون: دستور المدينة.
وفي هذه الوثيقة نقرأ أنها:
-كتاب من محمد النبي رسول الله، بين المؤمنين والمسلمين من قريش وأهل يثرب، ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم؛
-أنهم أمة من دون الناس؛
-وأن من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصر عليهم.
-وأنه لا يجير مشرك مالا لقريش ولا نفسا ولا يحول دونه على مؤمن.
-وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين.
-وأن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم، وللمسلمين دينهم: مواليهم وأنفسهم، إلا من ظلم وأثم.
-وأن ليهود بني الحارث مثل ما ليهود بني عوف.
-وأن ليهود بني النجار مثل ما ليهود بني عوف.
-وأن ليهود بني ساعدة مثل ما ليهود بني عوف.
-وأن ليهود بني جُشَم مثل ما ليهود بني عوف.
-وأن ليهود بني ثعلبة مثل ما ليهود بني عوف.
-وأن ليهود بني الأوس مثل ما ليهود بني عوف.
-وأن جفنة بطن من ثعلبة كأنفسهم.
-وأن لبني الشُطَيْبة مثل ما ليهود بني عوف. وأن البر دون الإثم.
-وأن موالي ثعلبة كأنفسهم.
فهذه تسع قبائل، أو تجمعات، يهودية، تنص الوثيقة عليها وتقرر لهم مثل ما ليهود بني عوف، وتضيف إلى ذلك أن مواليهم وبطانتهم كأنفسهم.

-وتقرر الوثيقة النبوية أن بينهم النصح - هم والمسلمون - على من حارب أهل هذه الصحيفة، وأن بينهم النصر والنصيحة، والبر دون الإثم، وأن الله على أصدق ما في هذه الصحيفة وأبره (أي الله شاهد ووكيل على ما تم الاتفاق عليه).
فهذه الوثيقة تجعل غير المسلمين المقيمين في دولة المدينة مواطنين فيها، لهم من الحقوق مثل ما للمسلمين، وعليهم من الواجبات مثل ما على المسلمين (6)
أول عهد ذمة:
إن أول عهد - تحت أيدينا - استعملت فيه كلمة ) الذمة) هو عهد رسول الله صلى الله عليه وسلَّم إلى أهل نجران، فقد كتب لهم:
"... ولنجران وحاشيتها جوار الله وذمة محمد النبي رسول الله، على أموالهم وأنفسهم وأرضهم وملتهم وغائبهم وشاهدهم... وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير، لا يغير أسقف من أسقفيته ولا راهب من رهبانيته ولا كاهن من كهانته... ولا يطأ أرضهم جيش، ومن سأل منهم حقا فبينهم النصف غير ظالمين ولا مظلومين...". ونجد مثل ذلك النص في كتاب خالد بن الوليد إلى أهل الحيرة وقد أقره الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، واعتبره الفقهاء - بتعبير الإمام القاضي أبي يوسف صاحب أبي حنيفة - نافذا على ما أنفذه عمر إلى يوم القيامة (النصوص، وتعليق عليها في: الخراج لأبي يوسف، ص 78و155و159(
فالذمة هي ذمة الله ورسوله، وليست ذمة أحد من الناس. بقاؤها لضمان الحقوق لا إهدارها، ولاحترام الدين المخالف للإسلام لا لإهانته، ولإقرار أهل الأديان على أديانهم ونظمها لا لحملهم على الزهد فيها أو الرجوع عنها. ومع ذلك فهي عقد لا وضع(7)
الذمة عقد لا وضع:
الذمة في اللغة هي العهد والأمان والضمان. قال أبو البقاء الكفوي في كلياته (وسمي العقد مع غير المسلمين بها لأن نقضه يجلب المذمة(!.
وهي في مصطلح الفقهاء عقد مؤبد يتضمن إقرار غير المسلمين على دينهم، وتمتعهم بأمان الجماعة الوطنية الإسلامية وضمانها،
وعقد الذمة ليس اختراعا إسلاميا، وإنما هو عقد وجده الإسلام شائعا بين الناس، فأكسبه مشروعية بإقراره إياه، وأضاف إليه تحصينا جديدا بأن حوَّل الذمة من ذمة العاقد أو المجير إلى ذمة الله ورسوله والمؤمنين، أي ذمة الدولة الإسلامية نفسها، وبأن جعل العقد مؤبدا لا يقبل الفسخ حماية لأهل غير الإسلام من الأديان، من ظلم ظالم أو جور جائر من حكام المسلمين. والجزية لم تكن ملازمة لهذا العقد في كل حال - كما يصرح بذلك تعريفه - بل لقد أسقطها الصحابة والتابعون عمن قبل من غير أهل الإسلام مشاركة المسلمين في الدفاع عن الوطن، لأنها بدل عن الجهاد (كما يقرر الإمام ابن حجر في شرحه للبخاري، فتح الباري ج 6 ص 38 وينسب ذلك - وهو صحيح صائب - إلى جمهور الفقهاء). ولذلك أسقطها سراقة بن عمرو عن أهل أرمينية سنة 22 هجرية، وأسقطها حبيب بن مسلمة الفهري عن أهل أنطاكية، وأسقطها أصحاب أبي عبيدة بن الجراح - بإقراره ومن معه من الصحابة - عن أهل مدينة على الحدود التركية السورية اليوم عرفوا باسم - الجراجمة - وصالح المسلمون أهل النوبة، على عهد عبد الله بن أبي سرح، على هدايا يتبادلها الفريقان في كل عام، وصالحوا أهل قبرص في عهد معاوية على خراج وحياد بين المسلمين والروم (والخراج هنا ضرائب تفرض على من يجوز من الفريقين ديار الآخر(. وغير المسلمين من المواطنين - اليوم ومنذ أكثر من قرن - في الدول الإسلامية يؤدون واجب الجندية، ويسهمون بدمائهم في حماية الأوطان، فهم لا تجب عليهم جزية أصلا في النظر الفقهي الصحيح.
انتهاء عقد الذمة في الدولة الحديثة
والعقد الذي سمِّيَ (عقد الذمة) قد أصابه بعض ما يصيب العقود فينهيها ويذهب بآثارها. فقد انتهى عقد الذمة الأول بذهاب الدولة التي أبرمته، فالدولة الإسلامية القائمة اليوم، في أي قطر، ليست خلفا للدولة الإسلامية الأولى التي أبرمت عقد الذمة. فتلك قد زالت من الوجود بالاستعمار الذي ذهب بسلطانها، وملك ديارها، وبدل شرائعها القانونية، وأدخل على ثقافتها ومكونات هوية كثيرين من أبنائها ما لم يكن منها.
وقد قاوم أبناء الوطن كلهم - مسلمين ومسيحيين - هذا الاستعمار في صوره كافة، كما يقاومون اليوم محاولات الهيمنة والاستتباع في صورها كافة، ونشأت من هذه المقاومة الناجحة دول اليوم، الدول القومية، التي تقدم السيادة فيها على نحو جديد من العقد الاجتماعي لم يعرض له الفقهاء الأقدمون. فالسيادة التي عرفها الفقه القديم قامت على انتصار منتصر وانهزام منهزم، أما سيادة دولنا اليوم فقائمة على مشاركة حقيقية يتساوى طرفاها في صناعة الدولة القائمة وفي الحقوق والواجبات التي تتقرر لهم أو عليهم في ظلها.
وذلك هو ما فعله الرسول صلى الله عليه وآله وسلَّم، نفسه، حين أنشأ في المدينة المنورة دولة الإسلام الأولى. ولا نشك لحظة، فما دونها، أنه لولا نقض اليهود عهدهم، وغدرهم برسول الله والمسلمين، لبقي هذا العهد محترما، وفاء به وأداء لحقه، لكنهم خانوا وغدروا - والغدر والخيانة من شيمهم - فطردوا من المدينة إلى غير رجعة إن شاء الله.
إن المقرر في الفقه الإسلامي - بمذاهبه كافة - أن الكثرة الدينية، وحدها لا توجب حقا، والقلة الدينية وحدها لا تمنع من اقتضاء حق. ولكن النظام السياسي الحر، القائم على تحقيق إرادة الأمة كلها - أو غالبيتها - من الناحية السياسية، وهي الإرادة التي يعبر عنها "الناخبون" تعبيرا صحيحا لا تزييف فيه ولا تزوير يعبث به، هذا التعبير هو الذي يؤدي إلى تحقيق نصر سياسي أو إلحاق هزيمة سياسية، وهما، هنا، لا يرتبطان بالعقيدة الدينية، وإنما يرتبطان بالنجاح السياسي، وهو لا يكون، ولا يدوم، إلا إذا تحققت مصالح الناس (الناخبين)، ويصبح الذين يحققونها هم الأكثرية السياسية ولو تعددت أديان المنتمين إليها.
والفقه السياسي يقتضي أن الانتماء إلى الجماعة السياسية - أي جماعة - إذا جاز أن يرتبط بالأمل في تحقيق النجاح لمشروع وطني مبني على دين الكثرة، أو على دين القلة، فإنه لا يجوز، في الحالين، أن يمنع من هذا الانتماء السياسي من يقبل العمل لنجاح هذا المشروع الوطني لمجرد اختلافه - دينا - مع أصحابه أو دعاته.
وادعاء اقتصار الحق في العمل السياسي، أو ممارسة الحكم، على أهل دين معين في دولة متعددة الأديان ادعاء لا تسنده أصول الشريعة، ولا يقوم عليه من فقهها دليل. وهو لا يحقق أي مصلحة مشروعة، والقاعدة أن "كل تصرف تقاعد عن تحصيل مقصوده فهو باطل". بل هو يجلب عشرات المفاسد، والقاعدة أن "دفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة".
والوضع الجديد الذي نشأ بزوال "عقد الذمة" أو بانقضائه، لا يؤدي بالمسلمين إلى إنكار الحقوق التي تثبت بموجب هذا العقد لغير المسلمين من أبناء ديار الإسلام. لأن الذمة في الفهم الإسلامي هي "ذمة الله ورسوله" ولا يملك مسلم أن يخفرها أو يغير من حكمها. لكن الوضع الجديد إذا رتب لغير المسلمين حقوقا أو رتب عليهم واجبات لم تكن مرتبة في ظل العقد القديم، فإننا نؤدي هذه الحقوق ونستأدي هذه الواجبات دون أن ينقص ذلك من حقوقهم الأصلية شيئا. أما واجباتهم الأصلية فبعضها - كالجزية - يسقطه تقرير الواجبات الجديدة كالدفاع عن الوطن، وشرف الخدمة في جيشه، وبعضها يؤكده الوضع الجديد، كوجوب رعاية جانب إخوان الوطن وعدم التعرض لعقائدهم بما يسوؤهم أو يؤذي مشاعرهم(8)
 حقوق غير المسلمين في المجتمع (9)
ومن أهم هذه الحقوق التي أقرها الدين الإسلامى
حق الحماية
فأول حقوق أهل الكتاب في الإسلام حمايتهم من كل عدوان خارجي، فإذا اعتدي عليهم وجب على المسلمين الدفاع عنهم، ويستدل بموقف الإمام ابن تيمية – رحمه الله – حين كلم "قطلوشاه" التتري في إطلاق سراح الأسرى، فسمح له " قطلوشاه" بإطلاق أسرى المسلمين، غير أن الإمام ابن تيمية أصر على أن يطلق سراح المسيحيين معهم، وقد كان، وهذا الموقف من الإمام ابن تيمية يمثل النظرة الفقهية للحماية الخارجية.
وواجب أيضا على الدولة الإسلامية أن تحمي الأقلية من الظلم الداخلي، فلا يجوز العدوان عليهم بأي شكل من الأشكال، والآيات والأحاديث متضافرة في تحريم ظلم غير المسلمين من أهل الذمة كقوله - صلى الله عليه وسلم-: "من ظلم معاهدًا، أو انتقصه حقًا، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس منه؛ فأنا حجيجه يوم القيامة" رواه أبو داود والبيهقي. وعنه أيضًا: "من آذى ذميًا فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله" (رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن)
 وإن كانت هذه سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فإنها أيضا كانت سنة الخلفاء الراشدين، وقد نقل في هذا عن عمر وعلي أقوال وحوادث، وهذا ما صرح به أيضا كثير من فقهاء المسلمين.
ومن أنواع هذه الحماية:
حماية الدماء والأبدان
لقد انفق العلماء على أن دماء أهل الذمة محفوظة، والاعتداء عليها كبيرة من الكبائر؛ لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "من قتل معاهدًا لم يُرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عامًا" (رواه أحمد والبخاري في الجزية وغيرهما).
ويبلغ من رعاية الإسلام لحرمة أموالهم وممتلكاتهم أنه يحترم ما يعدونه -حسب دينهم- مالا وإن لم يكن مالا في نظر المسلمين.
فالخمر والخنزير لا يجوز لمسلم أن يمتلكهما، ولو أتلفهما مسلم لمسلم آخر ما كان عليه شيء، ولكنه لو أتلفهما لذمي غرم قيمتها كما ذهب إلى ذلك الإمام أبو حنيفة.
 حماية الأعراض
وعرض الذمي محفوظة في الإسلام كعرض المسلم، حتى قال الإمام القرافي المالكي: "فمن اعتدى عليهم ولو بكلمة سوء أو غيبة، فقد ضيَّع ذمة الله، وذمة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وذمة دين الإسلام" (الفروق ج ـ 3 ص 14 الفرق التاسع عشر والمائة)، والنصوص في ذلك متوافرة وكثيرة.
التأمين عند العجز والشيخوخة والفقر
بل يضمن الإسلام لغير المسلمين "كفالة المعيشة الملائمة لهم ولمن يعولونه؛ لأنهم رعية للدولة المسلمة وهي مسئولة عن كل رعاياها، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: كلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته (متفق عليه من حديث ابن عمر)".
وهذا ما مضت به سُنَّة الراشدين ومَن بعدهم، نقل هذا في كتاب خالد بن الوليد لأهل الحيرة بالعراق زمن أبي بكر الصديق بحضور عدد كبير من الصحابة؛ فكان إجماعا، ورأى عمر بن الخطاب شيخًا يهوديًا يسأل الناس لكبر سنه، فأخذه إلى بيت مال المسلمين، وفرض له ولأمثاله معاشا، وقال: "ما أنصفناه إذ أخذنا منه الجزية شابًا، ثم نخذله عند الهرم"! وأبو بكر وعمر بذلك صكا قانون الضمان الاجتماعي للمسلمين وغير المسلمين، وهو ما قالت به المذاهب الإسلامية.
حق التدين
ومن تلك الحقوق أن الإسلام لم يكره أهل الذمة على اعتناق الإسلام، فلكل ذي دين دينه ومذهبه، لا يُجبر على تركه إلى غيره، ولا يُضغط عليه ليتحول منه إلى الإسلام.
وأساس هذا الحق قوله تعالى: {لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي}، (البقرة:256)، وقوله سبحانه: {أفأنت تُكرِه الناس حتى يكونوا مؤمنين} (يونس: 99). والتاريخ يصدق المسلمين في هذا، والغربيون يعترفون بذلك.
وقد صان الإسلام لغير المسلمين معابدهم ورعى حرمة شعائرهم، وقد اشتمل عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أهل نجران أن لهم جوار الله وذمة رسوله على أموالهم وملَّتهم وبِيَعهم، ونص عمر في العهدة العمرية لأهل إيلياء أن لهم حرية التدين وفي عهد خالد بن الوليد لأهل عانات كما نقل ذلك أبو يوسف في كتابه "الخراج".
ومن حرية التدين ما قال به بعض فقهاء المسلمين من السماح لأهل الكتاب ببناء الكنائس في القرى التي يكون غالبها مسلمين. وقد جرى العمل على هذا في تاريخ المسلمين منذ عهد مبكر " فقد بُنِيت في مصر عدة كنائس في القرن الأول الهجري، مثل كنيسة مار مرقص بالإسكندرية (ما بين 39 - 56 هـ)، كما بُنِيت أول كنيسة بالفسطاط في حارة الروم في ولاية مسلمة بن مخلد على مصر بين (عامي 47 - 68 هـ)، كما سمح عبد العزيز بن مروان حين أنشأ مدينة حلوان ببناء كنيسة فيها، وسمح كذلك لبعض الأساقفة ببناء ديرين". بل صرح المؤرخ المقريزي بقوله: "وجميع كنائس القاهرة المذكورة محدَثة في الإسلام بلا خلاف".
أما في القرى والمواضع التي ليست من أمصار المسلمين فلا يُمنعون من إظهار شعائرهم الدينية، وتجديد كنائسهم القديمة، وبناء ما تدعو حاجتهم إلى بنائه؛ نظرًا لتكاثر عددهم.
بل هذا التسامح لم يظهر إلا في الإسلام، حتى قال العلامة الفرنسي جوستاف لوبون: "رأينا من آي القرآن التي ذكرناها آنفًا أن مسامحة محمد لليهود والنصارى كانت عظيمة إلى الغاية، وأنه لم يقل بمثلها مؤسسو الأديان التي ظهرت قبله كاليهودية والنصرانية على وجه الخصوص، وسنرى كيف سار خلفاؤه على سنته"، كما نقل هذا عن ألسنة أوربيين، أمثال روبرتسن في كتابه "تاريخ شارلكن" وغيره.
حق العمل والكسب
كما كفل الإسلام لغير المسلمين حق العمل والكسب؛ فلهم كل الأنشطة التجارية من بيع وشراء وإجارة ووكالة وغيرها إلا الربا؛ لما رُوِي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كتب إلى مجوس هجر: "إما أن تذروا الربا أو تأذنوا بحرب من الله ورسوله"، يضاف إلى هذا بيع الخمور والخنزير في أمصار المسلمين، وما سوى هذا فلهم الحرية في التعامل.
قال آدم ميتز: "ولم يكن في التشريع الإسلامي ما يغلق دون أهل الذمة أي باب من أبواب الأعمال، وكانت قدمهم راسخة في الصنائع التي تدر الأرباح الوافرة؛ فكانوا صيارفة وتجارًا وأصحاب ضياع وأطباء، بل إن أهل الذمة نظموا أنفسهم، بحيث كان معظم الصيارفة الجهابذة في الشام مثلا يهودًا، على حين كان أكثر الأطباء والكتبة نصارى، وكان رئيس النصارى ببغداد هو طبيب الخليفة، وكان رؤساء اليهود وجهابذتهم عنده".
حق تولي وظائف الدولة
ولم يمنع الإسلام أهل الذمة من تولي وظائف الدولة؛ لأنه يعتبرهم جزءا من نسيج هذه الدولة، كما أنه لا يحب لهم أن ينعزلوا، ولأهل الكتاب تولي كل الوظائف إلا ما غلب عليه الصبغة الدينية كالإمامة ورئاسة الدولة والقيادة في الجيش، والقضاء بين المسلمين، والولاية على الصدقات ونحو ذلك.
فالإمامة أو الخلافة رياسة عامة في الدين والدنيا، خلافة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا يجوز أن يخلف النبي في ذلك إلا مسلم، ولا يعقل أن ينفذ أحكام الإسلام ويرعاها إلا مسلم.
وقيادة الجيش ليست عملا مدنيًا صرفًا، بل هي عمل من أعمال العبادة في الإسلام إذ الجهاد في قمة العبادات الإسلامية.
والقضاء إنما هو حكم بالشريعة الإسلامية، ولا يطلب من غير المسلم أن يحكم بما لا يؤمن به.
ومثل ذلك الولاية على الصدقات ونحوها من الوظائف الدينية.
وما عدا ذلك من وظائف الدولة يجوز إسناده إلى أهل الذمة إذا تحققت فيهم الشروط التي لا بد منها من الكفاية والأمانة والإخلاص للدولة، بخلاف الحاقدين كالذين قال الله فيهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتِّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} (آل عمران: 118(.
بل صرح الإمام الماوردي بجواز تولي الذمي "وزارة التنفيذ"
وقد تولى الوزارة في زمن العباسيين بعض النصارى أكثر من مرة، منهم نصر بن هارون سنة 369 هـ، وعيسى بن نسطورس سنة 380هـ، وقبل ذلك كان لمعاوية بن أبي سفيان كاتب نصراني اسمه سرجون.
وقد بلغ تسامح المسلمين في هذا الأمر أحيانًا إلى حد المبالغة والجور على حقوق المسلمين؛ مما جعل المسلمين في بعض العصور يشكون من تسلط اليهود والنصارى عليهم بغير حق.
وقد قال المؤرخ الغربي آدم ميتز في كتابه "الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري" (الجزء الأول ص105): "من الأمور التي نعجب لها كثرة عدد العمال (الولاة وكبار الموظفين) والمتصرفين غير المسلمين في الدولة الإسلامية؛ فكأن النصارى هم الذين يحكمون المسلمين في بلاد الإسلام والشكوى من تحكيم أهل الذمة في أبشار المسلمين شكوى قديمة".
       كما أنه إن كانت لأهل الذمة حقوق فإن أقباط مصر لهم شأن خاص ومنزلة خاصة، وذلك انطلاقا من الأحاديث النبوية الداعية إلى هذا، من ذلك ما روت أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أوصى عند وفاته فقال: "الله الله في قبط مصر؛ فإنكم ستظهرون عليهم، ويكونون لكم عدة وأعوانًا في سبيل الله" (الطبراني).
وفي حديث آخر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "... فاستوصوا بهم خيرًا؛ فإنهم قوة لكم، وبلاغ إلى عدوكم بإذن الله" يعني قبط مصر (رواه ابن حبان).
وقد صدَّقَ الواقع التاريخي ما نبأ به الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فقد رحب الأقباط بالمسلمين الفاتحين، وفتحوا لهم صدورهم، رغم أن الروم الذين كانوا يحكمونهم كانوا نصارى مثلهم، ودخل الأقباط في دين الله أفواجًا، حتى إن بعض ولاة بني أمية فرض الجزية على مَن أسلم منهم، لكثرة من اعتنق الإسلام.
بل يجعل الرسول لأقباط مصر حقوقا أكثر من غيرها، وذلك فيما ورد عن كعب بن مالك الأنصاري قال: سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إذا فُتِحت مصر فاستوصوا بالقبط خيرًا، فإن لهم دمًا ورحمًا". وفي رواية: "إن لهم ذمة ورحمًا" يعني أن أم إسماعيل منهم. (الطبراني والحاكم)
ضمانات الوفاء
ولم يكتف الإسلام بإقرار هذه الحقوق، بل وضع ضمانات للوفاء بهذه الحقوق، من أهمها ضمان العقيدة، فتلك الحقوق مسطرة في كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهي محفوظة في عقيدة الإسلام، وتنفيذها جزء من تنفيذ العقيدة الصحيحة.
وهي أيضا محفوظة بضمان المجتمع المسلم القائم على تنفيذ الشريعة وتطبيق أحكامها، وحقوق أهل الكتاب جزء من تلك الشريعة، ولكل مظلوم من أهل الذمة أن يرفع أمره إلى الحاكم لينصفه ممن ظلمه من المسلمين أو غير المسلمين،
وضمان آخر عند الفقهاء، الذين هم حماة الشريعة، وموجهو الرأي العام.
وضمان أعم وأشمل يتمثل في "الضمير الإسلامي" العام، الذي صنعته عقيدة الإسلام وتربية الإسلام، وتقاليد الإسلام".
والتاريخ الإسلامي مليء بالوقائع التي تدل على التزام المجتمع الإسلامي بحماية أهل الذمة من كل ظلم يمس حقوقهم المقررة، أو حرماتهم المصونة، أو حرياتهم المكفولة.
والذي يتصفح التاريخ الإسلامي يجد هذه الضمانات، من ذلك شكوى راهب أحد قواد ابن طولون أنه أخذ منه مالا، فرده إليه والي مصر، بل يصل الأمر أن للذمي أن يشكو والي البلاد، كما في قصة القبطي مع عمرو بن العاص وشكواه إياه لعمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي أنصفه.
 ومن أمثلة ضمان الفقهاء موقف الإمام الأوزاعي من الوالي العباسي في زمنه، عندما أجلى قومًا من أهل الذمة من جبل لبنان؛ لخروج فريق منهم على عامل الخراج، فكتب الأوزاعي إلى الخليفة يستنكر فعله، ويذكره أن أهل الذمة أحرار وليسوا عبيدا، وحين أخذ الوليد بن عبد الملك كنيسة "يوحنا" من النصارى، وأدخلها في المسجد. واسْتُخْلِفَ عمر بن عبد العزيز شكا النصارى إليه ما فعل الوليد بهم في كنيستهم، فكتب إلى عامله برد ما زاده في المسجد عليهم، لولا أنهم تراضوا مع الوالي على أساس أن يُعوَّضوا بما يرضيهم، وتاريخ القضاء الإسلامي يشهد بذلك، كما حدث مع علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وغيره؛ مما يدل بوضوح على أن الإسلام يعتبر أهل الذمة جزءا من مجتمعه، لهم ما للمسلمين، وعليهم ما عليهم.
 وتحددت مواصفات المواطنة الدولية على النحو التالي :-
·                   الاعتراف بوجود ثقافات مختلفة .
·                   احترام حق الغير وحريته .
·                   الاعتراف بوجود ديانات مختلفة .
·                   فهم وتفعيل أيديولوجيات سياسية مختلفة .
·                   فهم اقتصاديات العالم .
·                   الاهتمام بالشؤون الدولية .
·                   المشاركة في تشجيع السلام الدولي .
·                   المشاركة في إدارة الصراعات بطريقة اللاعنف
المواطنة والجنسية
      وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن مفهوم الجنسية يحمل معنى أكثر اتساعًا؛ حيث يشير إلى حق الحماية التي تسبغها الدولة على مواطنيها أثناء زيارتهم لدولة أخرى. ينتمي معظم الناس على الأقل لجنسية واحدة. وتسبغ المواطنة حقوقًا وواجبات معينة على المواطنين، تشمل حق التصويت وشغل الوظائف العامة. وهناك واجبات تناط بالمواطنين مثل دفع الضرائب والدفاع عن وطنهم.
     يعد الأشخاص الذين لا يتمتعون بجنسية الدولة أو حق المواطنة أجانب. ويكتسبون هذه الصفة نتيجة انتمائهم لدولة أخرى، أو أثناء ترحالهم أو إقامتهم في بلد آخر. وعلى هؤلاء الأشخاص أن يحصلوا على تأشيرة دخول تسمح لهم بالزيارة أو الإقامة في بلد آخر. ويطلق على الأجانب الذين يقيمون بصفة غير رسمية، مقيمون غير شرعيين.
أساليب الحصول على الجنسية
تحكُم منحَ الجنسية في عدد من الدول قواعدُ مختلفة. وهناك أسلوبان يجب اتباعهما للحصول على الجنسية: الأول بالميلاد، والثاني الجنسية المكتسبة أو التجنّس.
الميلاد
        يكتسب معظم الناس الجنسية بالميلاد. وتمنح قوانين عديد من الدول هذا الحق استنادًا على هذا القانون. وتضع بعض الدول قيودًا على منح الجنسية للأطفال الذين يولدون في إقليمها، رغم اكتساب آبائهم للجنسية. كما تمنع بعض الدول حق اكتساب الجنسية لمجموعات معينة من الأشخاص. وتشمل هذه المجموعات أبناء الدبلوماسيين وأطفال اللاجئين (أي أولئك الأشخاص الذين أجبروا على مغادرة ديارهم بسبب الحرب أو أي مشكلات أخرى).
وتستخدم بعض الدول قواعد أخرى لمنح الجنسية غير حق الميلاد على أرض الدولة. وتنص هذه القاعدة على منح جنسية أحد الوالدين أو كليهما للأطفال بغض النظر عن مكان ولادة الأطفال (أو مسقط رأس الطفل). ويطلق على هذا الحق حق الدم أو جنسية البنوة.
الجنسية المكتسبة
يعني هذا الاصطلاح العملية القانونية التي يكتسب من خلالها الأجنبي جنسية الدول الأخرى، التي يريد الانتماء إليها. وتضع كل دولة مجموعة من الشروط التي يجب استيفاؤها لاكتساب الجنسية. فبعض الدول تشترط على طالبي الجنسية الإقامة في أرضها لعدد من السنين. وهناك عدد من الدول يمنح الجنسية للأشخاص الذين يدركون واجبات المواطنة، إضافة لإتقانهم الكامل للغة الدولة الوطنية. وتشترط بعض الدول على الأجانب التنازل عن جنسيتهم الأصلية إذا رغبوا في التجنس (اكتساب الجنسية).
الجنسية المزدوجة
   يحمل بعض الأشخاص جنسية دولتين. ويطلق على هذه الحالة الجنسية المزدوجة
   ويكتسب بعض الأشخاص الجنسية المزدوجة بالميلاد، إذ يمكن لطفل ولد على سبيل المثال لعائلة فرنسية في الولايات المتحدة أن يصبح أمريكيًا بحق الميلاد على أرض الدولة.
      ويكتسب بعض الأشخاص الجنسية المزدوجة نتيجة للتجنس. فهناك على سبيل المثال الدول التي تسمح لمواطنيها الذين اكتسبوا جنسية أخرى بالاحتفاظ بجنسياتهم الأصلية. كما تمنع بعض الدول مواطنيها من التنازل عن جنسياتهم. وعندما يعلن هؤلاء الأشخـاص التخلي عن جنسـياتهم ويكتســبون جنسية الدول الأخرى فإن ذلك يعني إسقاط جنسياتهم الأصلية.
فقدان الجنسية
يعني هذا الاصطلاح تنازل الشخص عن جنسيته، كما يعني أيضًا إسقاط الجنسية عن الشخص.
حالة انعدام الجنسية
        الشخص عديم الجنسية هو الذي لا تنطبق عليه صفة الانتماء لأي دولة وفق قانون جنسيتها. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أنه لا يحق لأبناء الأجانب اكتساب جنسية الدولة التي ولدوا فيها، بحق الميلاد إذا لم يكن قانون الدولة يسمح بهذا الحق. وكذلك لا يكتسبون جنسية آبائهم الأصلية إذا لم توافق أوطانهم على منح الجنسية بحق الدم أو البنوة. وإذا ما تنازل شخص عن جنسيته دون أن يكتسب جنسية أخرى يصبح عديم الجنسية.
يفقد بعض الأشخاص حقهم في الجنسية نتيجة لقرار حكومي. فعلى سبيل المثال، تعاقب بعض الحكومات مواطنيها بنفيهم وإسقاط الجنسية عنهم.كما فقد الكثيرون جنسياتهم في أعقاب تدمير الحروب لأوطانهم.
حقوق المواطنة
     تختلف حقوق المواطنة من دولة إلى أخرى. وتكفل دساتير دول كثيرة الحقوق الأساسية التي يطلق عليها الحقوق المدنية للمواطنين. ويسمح عدد من الدول بحق التصويت للحكومة وحق التجوال والسفر. وتحرم بعض الدول مواطنيها من هذه الحقوق.
     وهناك بعض القيود التي توضع للحد من هذه الحقوق. فلكي يتمكن المواطن من الإدلاء بصوته؛ يجب أن يتم تسجيله، وأن يكون قد بلغ السن القانونية لممارسة هذا الحق والتي تحددها الكثير من الدول بـ 18 عامًا.
كما أن حرية التعبير لا تبيح إطلاق الأكاذيب التي تُشَهِّر بالآخرين.
واجبات المواطنة
1 -  واجب دفع الضرائب للدولة :-
 فالمواطن عندما يلتزم بهذا الواجب يكون بالضرورة مساهماً في اقتصاد الدولة ، وبالتأكيد ان هذا الدعم في النهاية يعود إليه على شكل خدمات وحقوق اقتصادية واجتماعية وثقافية فالضمان الاجتماعي مثلا تستطيع الدولة توفيره من خلال هذه الضرائب التي تعد أحد الموارد الأساسية للدولة وبالتالي فهي ضرورية لاستمرارية الدولة والمجتمع.
2 -  واجب إطاعة القوانين :-
فطالما أن القوانين تشرع عن طريق السلطة التي يقرها الشعب والمخولة بذلك قانوناً وطالما أن هذه القوانين ستطبق على الجميع بشكل متساوي بدون تمييز ، فالأمر الطبيعي أن يقوم المواطن باحترام هذه القوانين التي تحقق بدورها الأمن والنظام والحماية المطلوبة وستؤدي إطاعة القوانين إلى تحقيق المساواة والديمقراطية وتحقيق التكافل الاجتماعي بين جميع المواطنين في الدولة .
3 -  واجب الدفاع عن الدولة :-

وهو ما يسمى بواجب الخدمة العسكرية او خدمة العلم فهو واجب مطلوب من كل مواطن اذا طُلب منه التجنيد فهو بهذا الواجب يشارك بالدفاع عن وطنه و مواطنيه في حالات النزاع او الحرب وهو واجب منطقي لانه سيدافع عن دوله حققت له مواطنته ، من خلال ما وفرت له من حقوق وحريات وخدمات ، وسمحت له بالمشاركة في الحكم ، بالإضافة إلى الشعور بالأنصاف من خلال تحقيق مبدأ المساواة بين أفراد شعبه مما يشكل بداخله ما يسمى بالانتماء الوطني (10)
وتختلف واجبات المواطنين من دولة إلى أخرى، فعلاوة على ما سبق هناك دول تطلب من بعض مواطنيها العمل في هيئات المحلفين، كما تجبر مواطنيها على الإدلاء بأصواتهم في انتخابات معينة. ويعتقد كثير من الناس أن عليهم واجبات اختيارية لم ينص عليها القانون مثل: الإلمام بالمشكلات العامة، وحماية البيئة. وترتبط هذه الواجبات بحقوق المواطنة ارتباطًا وثيقًا.
يجب على الأجانب الامتثال لقوانين الدول التي يقصدونها أو يقيمون فيها. ويُستثنى في هذا السياق تلك القوانين الملزمـة للمواطنـين فقط. إضافة لذلك يجب على الأجانب طاعة بعض القوانين الملزمة في بلادهم. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يفرض على الأجانب دفع ضرائب مزدوجة. ويمكن أن يتعرض الأجانب الذين ينتهكون قوانين الدول المضيفة إلى السجن أو الغرامة. وتمنح معظم البلدان الحصانة الدبلوماسية للأجانب الذين يمثلون حكوماتهم. وتنطوي الحصانة الدبلوماسية على حقوق معينة يتمتع بها ممثلو الحكومات الأجنبية وموظفوهم وعائلاتهم. وتعفي هذه الحقوق هؤلاء الدبلوماسيين من التوقيف وتفتيش المنازل ودفع الضرائب.
ومن المهم هنا التأكيد على أن المواطنة ليست فقط مجموعة من النصوص والمواد القانونية التي تثبت مجموعة من الحقوق لأعضاء جماعة معينة كما قد يعكسه دستور هذه الجماعة وقوانينها، بل يشترط أيضا وعي الإنسان داخل هذه الجماعة بأنه مواطن أصيل في بلاده وليس مجرد مقيم يخضع لنظام معين دون أن يشارك في صنع القرارات داخل هذا النظام، فالوعي بالمواطنة يعتبر نقطة البدء الأساسية في تشكيل نظرة الإنسان إلى نفسه وإلى بلاده وإلى شركائه في صفة المواطنة، وبالتالي فممارسة المواطنة كنشاط داخل المجتمع لا تتم بشكل عرضي أو مرحلي كما هو الحال بالنسبة للانتخابات بل هي عملية تتم بشكل منتظم ومتواصل وبطرق صغيرة وعديدة وبتفاصيل لا تعد، هي جزء من نسيج حياتنا اليومية، لهذا فالوعي بالمواطنة وممارستها يتطلب التربية على ثقافة المواطنة بكل ما تحمله من قيم وما تحتاجه من مهارات. (11)
ما العائد من تحديد مفهوم المواطنة ؟
      إن من أهم الفوائد التى تعود على الوطن والمواطن من تحديد مفهوم المواطنة هو:-
الانتماء
يشير مفهوم الانتماء إلى الانتساب لكيان ما يكون الفرد متوحداً معه مندمجاً فيه ، باعتباره عضواً مقبولاً وله شرف الانتساب إليه ، ويشعر بالأمان فيه ، وقد يكون هذا الكيان جماعة ، طبقة ، وطن ، وهذا يعني تداخل الولاء مع الانتماء والذي يعبر الفرد من خلاله عن مشاعره تجاه الكيان الذي ينتمي إليه
وذلك لاستحالة قبول حياة الفرد بلا انتماء، ذاك الذي يبدأ مع الإنسان منذ لحظة الميلاد صغيراً بهدف إشباع حاجته الضرورية ، وينمو هذا الانتماء بنمو ونضج الفرد إلى أن يصبح انتماءً للمجتمع الكبير الذي عليه أن يشبع حاجات أفراده . ولا يمكن أن يتحقق للإنسان الشعور بالمكانة والأمن والقوة والحب والصداقة إلا من خلال الجماعة، فالسلوك الإنساني لا يكتسب معناه إلا في موقف اجتماعي، إضافة إلى أن الجماعة تقدم للفرد مواقف عديدة يستطيع من خلالها أن يظهر فيها مهاراته وقدراته ، علاوة على أن شعور الفرد بالرضا الذي يستمده من انتمائه للجماعة يتوقف على الفرص التي تتاح له كي يلعب دوره بوصفه عضواً من أعضائها
أبعاد الانتماء :
يعد مفهوم الانتماء مفهوماً مركباً يتضمن العديد من الأبعاد والتي أهمها:
1 -   الهوية Identity :
    يسعى الانتماء إلى توطيد الهوية ، وهي في المقابل دليل على وجوده ، ومن ثم تبرز سلوكيات الأفراد كمؤشرات للتعبير عن الهوية وبالتالي الانتماء .
2 -  الجماعية Collectivism :
      إن الروابط الانتمائية تؤكد على الميل نحو الجماعية ، ويعبر عنها بتوحد الأفراد مع الهدف العام للجماعة التي ينتمون إليها ، وتؤكد الجماعة على كل من التعاون والتكافل والتماسك ، والرغبة الوجدانية في المشاعر الدافئة للتوحد. وتعزز الجماعية كل من الميل إلى المحبة ، والتفاعل والاجتماعية ، وجميعها تسهم في تقوية الانتماء من خلال الاستمتاع بالتفاعل الحميم للتأكيد على التفاعل المتبادل .
3 -  الولاء Loyalty :
     الولاء جوهر الالتزام، يدعم الهوية الذاتية ، ويقوي الجماعية ، ويركز على المسايرة ، ويدعو إلى تأييد الفرد لجماعته ويشير إلى مدى الانتماء إليها ، ومع أنه الأساس القوي الذي يدعم الهوية ، إلا أنه في الوقت ذاته يعتبر الجماعة مسؤولة عن الاهتمام بكل حاجات أعضائها من الالتزامات المتبادلة للولاء ، بهدف الحماية الكلية
4 -  الالتزام Obligation :
       حيث التمسك بالنظم والمعايير الاجتماعية ، وهنا تؤكد الجماعية على الانسجام
والتناغم والإجماع ، ولذا فإنها تولد ضغوطاً فاعلة نحو الالتزام بمعايير الجماعة
لإمكانية القبول والإذعان كآلية لتحقيق الإجماع وتجنب النزاع
 5 -  التواد  :ويعني الحاجة إلى الانضمام أو العشرة Affiliation،
        و التواد- من أهم الدوافع الإنسانية الأساسية في تكوين العلاقات والروابط والصداقات  يشير إلى مدى التعاطف الوجداني بين أفراد الجماعة والميل إلى المحبة والعطاء والإيثار والتراحم بهدف التوحد مع الجماعة ، وينمي لدى الفرد تقديره لذاته وإدراكه لمكانته ، وكذلك مكانة جماعته بين الجماعات الأخرى ، ويدفعه إلى العمل للحفاظ على الجماعة وحمايتها لاستمرار بقائها وتطورها ، كما يشعره بفخر الانتساب إليها
 6 - الديمقراطية :
      هي أساليب التفكير والقيادة، وتشير إلى الممارسات والأقوال التي يرددها الفرد ليعبر عن إيمانه
قيم المواطنة
أولا- قيمة المساواة:
التي تنعكس في العديد من الحقوق مثل حق التعليم، والعمل، والجنسية، والمعاملة المتساوية أمام القانون والقضاء، واللجوء إلى الأساليب والأدوات القانونية لمواجهة موظفي الحكومة بما في هذا اللجوء إلى القضاء، والمعرفة والإلمام بتاريخ الوطن ومشاكله، والحصول على المعلومات التي تساعد على هذا.
ثانيا- قيمة الحرية:
التي تنعكس في العديد من الحقوق مثل حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية، وحرية التنقل داخل الوطن، وحق الحديث والمناقشة بحرية مع الآخرين حول مشكلات المجتمع ومستقبله، وحرية تأييد أو الاحتجاج على قضية أو موقف أو سياسة ما، حتى لو كان هذا الاحتجاج موجها ضد الحكومة، وحرية المشاركة في المؤتمرات أو اللقاءات ذات الطابع الاجتماعي أو السياسي.
ثالثا- قيمة المشاركة:
التي تتضمن العديد من الحقوق مثل الحق في تنظيم حملات الضغط السلمي على الحكومة أو بعض المسئولين لتغير سياستها أو برامجها أو بعض قراراتها، وممارسة كل أشكال الاحتجاج السلمي المنظم مثل التظاهر والإضراب كما ينظمها القانون، والتصويت في الانتخابات العامة بكافة أشكالها، وتأسيس أو الاشتراك في الأحزاب السياسية أو الجمعيات أو أي تنظيمات أخرى تعمل لخدمة المجتمع أو لخدمة بعض أفراده، والترشيح في الانتخابات العامة بكافة أشكالها.
رابعا - المسئولية الاجتماعية:
التي تتضمن العديد من الواجبات مثل واجب دفع الضرائب، وتأدية الخدمة العسكرية للوطن، واحترام القانون، واحترم حرية وخصوصية الآخرين.
وقد قنن دستور مصر الدائم والصادر في عام 1971 هذه الحقوق والواجبات في العديد من مواده، من أبرزها:
مادة 13: العمل حق وواجب وشرف تكفله الدولة.
مادة 14: الوظائف العامة حق للمواطنين.
مادة 40: المواطنون لدى القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة.
مادة 46: تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية.
مادة 47: لكل إنسان الحق في التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من الوسائل.
مادة 49: تكفل الدولة للمواطنين حرية البحث العلمي والإبداع الأدبي والفني والثقافي، وتوفر وسائل التشجيع اللازمة لذلك.
مادة 50: لا يجوز أن تحظر على أي مواطن الإقامة في جهة معينة أو الإقامة في مكان معين إلا في الأحوال المبينة في القانون.
مادة 54: للمواطنين الاجتماع الخاص في هدوء غير حاملين سلاحا ودون حاجة إلى إخطار سابق، ولا يجوز لرجال الأمن حضور اجتماعاتهم الخاصة، والاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة في حدود القانون.
مادة 55: للمواطنين حق تكوين الجمعيات، ويحظر إنشاء جمعيات يكون نشاطها معاديا لنظام المجتمع أو سريا أو ذا طابع عسكري.
مادة 56: إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطي حق يكفله القانون.
مادة 58: الدفاع عن الوطن وأرضه واجب مقدس، والتجنيد إجباري وفقا للقانون.
مادة 61: أداء الضرائب والتكاليف العامة واجب وفقا للقانون.
مادة 62: للمواطن حق الانتخاب والترشيح وإبداء الرأي في الاستفتاءات ومساهمته في الحياة العامة واجب وطني.
مادة 62: لكل فرد حق مخاطبة السلطات العامة كتابة وبتوقيعه.
مادة 68: التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة، ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي.
عناصر المواطنة
1 -  الانتماء: أي شعور الإنسان بالانتماء إلى مجموعة بشرية ما وفي مكان ما (الوطن) على اختلاف تنوعه العرقي والديني والمذهبي، مما يجعل الإنسان يتمثل ويتبنى ويندمج مع خصوصيات وقيم هده المجموعة.
2-  الحقوق: التمتع بحقوق المواطنة الخاصة والعامة كالحق في الأمن والسلامة والصحة والتعليم والعمل والخدمات الأساسية العمومية وحرية التنقل والتعبير والمشاركة السياسية ...
3 -  الواجبات: كاحترام النظام العام والحفاظ على الممتلكات العمومية والدفاع عن الوطن والتكافل والوحدة مع المواطنين والمساهمة في بناء و ازدهار الوطن.
4 - المشاركة في الفضاء العام: المشاركة في اتخاذ القرارات السياسية )الانتخاب والترشيح) وتدبير المؤسسات العمومية والمشاركة في كل ما يهم تدبير ومصير الوطن.
 كيف يتم لتفعيل المواطنة؟ (12)
      على ضوء معالجة دراسة مفهوم المواطنة وعلاقته بمفهوم الانتماء ، وكذا العرض الموجز لأبرز اتجاهات الفكر التي أثرت على الوعي العربي بمبدأ المواطنة ، وأهم المتغيرات العالمية والمجتمعية التي تمثل تحديات حرجة وواضحة للمواطنة ،
والانعكاسات لعملية الانفتاح الثقافي على أهم أبعاد المواطنة المطروحة في الساحة
العالمية وانطلاقاً من أهمية المواطنة (مفهوماً وممارسة ) وضرورة تعزيزها على نحو دائم بمشاركة فاعلة من مختلف مؤسسات المجتمع نطرح في هذا الجزء رؤية مقترحة يمكن أن تسهم في تفعيل مبدأالمواطنة
         وإذا سلمنا بأن المواطنة مفهوم يتسع ويتغلل في آن واحد في كل ممارسات
الأفراد وبنية تفكيرهم المنتجة لمعيار العلاقة بين الفرد والمجتمع ، وما يحيط به من إطار ثقافي قانوني يؤطر آليات مشاركة المواطن في الشأن العام والحفاظ على المصلحة الوطنية العامة(إذا سلمنا بذلك ) فإن آليات تنمية وتعزيز مبدأ المواطنة بمختلف أبعادها وتعدد مستويات ممارستها تصبح قضية مجتمع بأكمله تتداخل فيها المسؤوليات وتتشابك لتصبح مهمة وطنية يحكمها الانسجام وينظمها سياق التناغم .
في هذا السياق تصبح أطروحات الرؤى المقترحة عمومية نظرية ما لم تلتحم
معالمها بآليات مؤسسية محددة. وبحكم ما للتعليم من أهمية وصلة مباشرة بسبل التشكيل لشخصيات النشء والتنشئة الاجتماعية والثقافية والسياسية بما يجعله بوتقة تنصهر فيها مختلف التنوعات والانتماءات على أرضية المواطنة ، ونظراً للمسؤوليات الكبيرة المنوطة بالتعليم في هذا الشأن ، وما تعلقه سياسة الدولة من آمال على التعليم في تكريس الممارسات الوطنية وما تفرضه على الباحث بوصفه أحد منسوبي وزارة التربية والتعليم. فإن الرؤية المقترحة تقوم على ركيزيتن رئيسيتين :-
الركيزة الأولى : الآفاق العامة لتفعيل المواطنة
الركيزة الثانية : مسؤولية التعليم في تعزيز المواطنة .
أولاً : الآفاق العامة لتفعيل المواطنة
وتتمثل فيما يلي:
1-   تأسيس العلاقة بين مكونات المجتمع والدولة على أسس دينية وطنية تتجاوز كل الأطر والعناوين الضيقة ، بحيث يكون الجامع العام لكل المكونات والتعبيرات والأطياف هو المواطنة المنبثقة من النص الشرعي المراعي لأسس تكوين الدولة الصالحة لكل زمان ومكان والتي لا تعني فقط جملة الحقوق والمكاسب الوطنية المتوخاه وإنما تعني أيضاً جملة من الواجبات والمسؤوليات العامة الملقاة على عاتق كل مواطن.
2 -  تطوير قواعد الوحدة والاجتماع الوطني وتعميق الالتزام بالجوامع والمشتركات
الوطنية ومقتضياتها من خلال الممارسات المنضبطة بضوابط العدل والحرية القائمة على المفاهيم الشرعية المنصوص عليها المراعية للواقع الدارسة للأحداث.
3 -  التركيز على إبراز مبدأ المواطنة في فضائنا الاجتماعي وذلك بتوسيع رقعة ومساحة المشاركة في الشأن العام شريطة توافر استعدادات حقيقية عند جميع الشرائح والفئات لتحمل مسؤولياتها ودورها في الحياة العامة .
4 -  إعطاء دفعات متتالية من الاهتمام بنظام العلاقات والتواصل بين مكونات المجتمع والاستمرار في إزالة مكونات الشعور بالإقصاء أو التهميش أو تدني المشاركة الفعالة ، والتأكيد على مختلف الشروط والروافد التي تفضي إلى إرساء مبدأ المواطنة بكل مستوياته .
5 -  تفعيل سلطة القانون الشرعي وتجاوز كل حالات ومحاولات التحايل والالتفاف على النظام فلا مواطنة بدون ضابط ينظم المسؤوليات ويحدد الحقوق والواجبات ويردع كل محاولات التجاوز والاستهتار .
ثانياً : مسؤولية التعليم في تعزيز المواطنة
       إن الضمانات الحقيقية للممارسة الوطنية السليمة لا تكمن في تلك الآفاق التي
تحدد معالم الفضاء الاجتماعي والثقافي ، وإنما تتمثل في مدى تشرب أفراد المجتمع
لقيم المواطنة الحقيقية منذ الصغر والتدريب على ممارستها عملياً في مختلف المؤسسات والوسائط التربوية حسب طبيعة المرحلة التي يمر بها الفرد ، ومن ثم يأتي طرحنا للرؤية المقترحة لدور التعليم ومسؤوليته في تعزيز مبدأ المواطنة مرتكز على مجموعة من المحاور التي تتشكل منها منظومة التعليم والتعلم بمختلف مكوناته وذلك على النحو التالي :
المناخ المدرسي:
 ولتفعيل دوره في تنمية وتعزيز المواطنة :-
1 -  أن يكون المناخ المدرسي إيجابياً يسمح بدرجة من التفاعل الاجتماعي وذلك من خلال تأكيد الثقة بين جيل الكبار والمسؤولين وبين الطلاب على المستوى التنفيذي حتى تنمو مشاعر الحب بين جميع أطراف العملية التربوية فتنمو مشاعر الفخر والاعتزاز بالمدرسة كمجتمع صغير ومن ثم المجتمع الكبير
2  - أن يسود المناخ المدرسي روح التعاون والتآلف والجماعية وأن يدرك كل فرد فيه أن له دوراً فاعلاً على دخل هذه المؤسسة تمهيداً لاختفاء القيم السلبية والفردية
 3 -  أن يتيح المناخ المدرسي فرصاً إيجابية لدعم الثقافة الوطنية والإشادة بها
والتمسك بمضمونها دون انغلاق أو رفض لنتاج التطور المعرفي .
4 -  أن تتغير ثقافة الصمت والتلقين – في أسلوب التعامل داخل المدرسة- إلى أسلوب حواري يحقق فيه التلميذ ذاته ويقوم على حرية الرأي ويؤكد على الحوار والمناقشة والنقد الإيجابي البناء بين التلاميذ والمعلمين
5-   أن يعمل المناخ المدرسي على إشباع حاجات التلاميذ المعرفية والمهارية والوجدانية والسلوكية ويكون فيه الكبار قدوة للصغار ، وأن يعكس مشكلات المجتمع وقضاياه محلياً وعالمياً ، وأن تناقش هذه القضايا في جو يسوده الحب والتوجيه السليم .
المقررات الدراسية :
1-  إضافة مقررات دراسية في مراحل التعليم العام يتطور محتواها بتطور نضج الطلاب تركز على إكسابهم قيماً بعينها لها دورها الفعال في تحقيق الذات والإسهام مع تطور المجتمع والمحافظة على تماسكه والالتزام باللوائح والقوانين والمفاهيم والمعاني المرتبطة بالمواطنة : معنى الدور السياسي المناط بالمواطنوإذكاء الروح الجماعيةوالالتزام بمعايير المجتمع ونظمه –وتدعم الشعور بالانتماء- ومفاهيم المساواة وضوابط الحرية .
2 -  أن تهتم المقررات الدراسية وخاصة مقررات الدراسات الاجتماعية ، النصوص ، القراءة ، التعبير ، بإكساب التلاميذ الهوية الوطنية وارتباطه بوطنه دينا وأرضاً وتاريخاً وبشراً ، وتستثير لديه مشاعر الفخر والزهو بالانتساب لعقيدته و لوطنه ، والمسؤولية تجاه الدين و المجتمع والدولة .
3 -  يفضل أن تتضمن بعض المقررات الدراسية تساؤلات تثير العديد من المناقشات حول مشكلات الوطن وقضاياه وعلى المعلم إتاحة الفرصة لهذه المناقشات وحسن إداراتها وتوجيه التلاميذ إلى الاحتكام إلى قيم ( الولاءالجماعية – الالتزام - التوادالديمقراطية )
أسلوب أداء المعلم :
    بما أن المعلم وراء الوعي المكتسب لدى التلاميذ ، وحيث أنه من المتفق عليه   تربوياً أن ضعف الانتماء والمواطنة نتيجة طبيعية لعمليات التعلم المرضية فإن لدور
المعلم أهمية في تأكيد مفهوم المواطنة بأبعادها وممارستها ومن ثم يقترح التأكيد على آليات الارتقاء بمستوى أداء المعلم المتسم بالإيجابية وتنمية وعيه بكيفية استثمار المواقف اليومية في تنمية وتعزيز المواطنة ويقتضي ذلك :
·    النهوض بالدور الاجتماعي والثقافي للمعلم .
·    تدريب المعلم على كيفية بلورة المفاهيم المجردة والاتجاهات الإيجابية وربطها بالموضوعات المتاحة سواء من المقررات الدراسية أو القضايا والمشكلات المجتمعية .
·     حرص المعلم على ترجمة خبراته الإيجابية إلى ممارسة فعلية في المواقف   التعليمية المختلفة وأن يكون سلوكه مطابقاً لأفكاره التي يبثها في عقول التلاميذ
·   أن يحرص على بلورة مفاهيم وأبعاد المواطنة ( الهوية – الانتماء – الحرية - المشاركة السياسية ) في صورة سلوكيات يدرب عليها التلاميذ في الأنشطة الصفية  واللاصفية .
·   أن يحرص على التبصير بأهمية التوحد مع الجماعة والتعاطف الوجداني بين
أفرادها مما يسهل عمليات القبول للآخر والتنوع في إطار الوحدة التي تعبر عن التنوع ولا ترفضه .
طرق التدريس
1 -   الاهتمام بأساليب التقويم لتبدل آليات الحفظ والاستظهار إلى أساليب تقوم على قراءة المشكلات قراءة واعية وإعمال الذهن للاختيار بين البدائل .
2 -  يفضل أن تكون طريقة التدريس طريقة كلية متكاملة لأن الطريقة الجزئية المفتتة تباعد بين الأفكار بعضها البعض وتنقص من قيمة المعلومات المعرفية ، وقد تحول دون اكتمال الرؤية والإدراك الحقيقي الناضج لمضمون المواد الدراسية ، وبالتالي قد تسهم في تشويه الوعي وتزييفه لدى التلميذ ، لأنها في الغالب تفصل الحقائق عن الواقع الاجتماعي بمشكلاته وقضاياه عن التلاميذ .
الأنشطة المدرسية
1 -  أن يكون هناك اهتمام متنامي بالأنشطة المدرسية داخل وخارج المدرسة من خلال التدريب على ترجمة المفاهيم إلى سلوكيات وأداءات حياتية لتسهم في تكوين الشخصية المتكاملة ويتم ذلك من خلال الفرص التي يتيحها النشاط من تفاعل وتدعم معنى الجماعية والتواد والتعاطف الوجداني ، ومعنى حرية الرأي واحترام الرأي الآخر وحرية النقد الإيجابي ، وتحمل المسؤولية ، والمشاركة .
2 -   يقترح أن تكون ضمن خطة المدرسة قائمة بالقيم المرغوب إكسابها للتلاميذ على أن يكون لها فاعليتها في علاقات الاتصال الفعال داخل المناخ المدرسي وبالتالي لها انعكاساتها على المجتمع الكبير وأن تستهدف هذه القائمة تحقيق التالي :-
·   محاولة ربط التلاميذ بنبض المجتمع وأهم قضاياه
·   أن يتم عقد ندوات مدرسية يدعى فيها كبار المسؤولين من قطاعات مختلفة وفي مسارب متعددة(دين- اجتماع – فكر) ويسمح لأولياء الأمور بالحضور جنباً إلى جنب مع التلاميذ ، وتناقش هذه الندوات ما يلزم الفرد للنهوض بمجتمعه وذاته معاً .
·     التحاور مع التلاميذ حول أهم الرواد والأبطال ممن يعدوا نموذجاً في  المواطنة .
·     أن تستهدف تعليم التلاميذ أن الأدلة والبراهين الفعلية والطرق الإيجابية هي أهم الوسائل لحل المشكلات
·    احترام استقلالية التلميذ وتفكيره ، وأن يكون هناك قدر من المرونة والتسامح والتعامل بعقل وقلب مفتوح .
·     أن يتعلم التلاميذ الكثير عن أنفسهم وعمن حولهم والانفتاح على البيئة .

وفي نهاية الرؤية المقترحة لابد من التأكيد على أن التنشئة الاجتماعية منذ الصغر هي محك تفعيل مبدأ المواطنة مما يجعل مشاركة مختلف الوسائط التربوية ( كالأسرةالمسجد – الإعلام ) في سياق متناغم أمراً لابد منه و لا تستقيم المواطنة الحقةبدونه، وبه يكون حب الوطن حب عطاء لا تلق وحب وفاء لا جحود وحب تسامح وإيثار من أجل التماسك والترابط والقوة والعمل المثمر.. من أجل الحياة الكريمة الآمنة لكل من الفرد والمجتمع .
 الخلاصة والخاتمة
ما أودُ ان اعيد واذكر به هي تلك الامور التي حاولت ان اثبتها من خلال ما تقدم ، وتم شرحه في هذا البحث ، فخلاصة هذا البحث تتركز على هذه الامور التي يمكن اجمالها بما يلي :
أولاً : ان مفهوم المواطنة هو المبدأ الاساسي الرئيسي للديمقراطية ، فلا وجود ولا معنى لاي نظام ديمقراطي بدون تحقيق لمفهوم المواطنة ( فهل هناك ديمقراطية بدون مواطنين ؟ )
ثانياً : ان المحتوى الاساسي لمفهوم المواطنة نابع من مبدأ الانتماء الوطني الذي يتشكل نتيجة التربية المواطنية ، والقدرة على المشاركة الفعالة في الحكم . والشعور بالانصاف والمساواة .
ثالثاً : ان المواطنة تقوم على اساسين مهمين هما : أ- المشاركة في الحكم ب- المساواة بين جميع المواطنين .
رابعاً : ان تحقيق المواطنة على ارض الواقع بشكل فعال مرهون ومرتبط بعملية التربية المواطنية التي من خلالها يتم ايصال المعرفة وخلق الشعور الذي يؤدي الى تشكيل الانتماء الوطني .
خامساً : تقديم رؤية لتربية مواطنية من خلال افكار فلسفية ، وما لها من اهمية في تحقيق مفهوم المواطنة بشكل فعال على ارض الواقع .
هذه الامور هي التي حاولت ان أرسخها . من خلال ما جاء به هذا البحث ، من شرح و تحليل و استنتاجات منطقية داعمة لها ، فمن خلال هذا البحث تم شرح السياق التاريخي لمفهوم المواطنة ، وتم بيان المعنى الحقيقي للمواطنة وما يترتب عليها من نتائج ومن حقوق ومن واجبات متبادلة بين المواطن والدولة ، و الأسس التي تقوم عليها المواطنة ، و كيف تمنح المواطنة ، كما تم شرح التربية المواطنية و معناها و علاقتها و أهميتها في تحقيق المواطنة ، و شروط التربية المواطنية الحقه ما كنت اتمناه في نهاية هذا البحث أن أكون قد وفقت في ترسيخ هذه الأمور المختلفة حول مفاهيم المواطنة و التربية و الديمقراطية ، من أجل تحقيق هدف هذا البحث و هو تحقيق المصالحة مع الذات أولاً و مصالحة مع الاّخرين ثانياً ، و تحقيق الإنتماء الوطني ثالثاً ، و بالتالي تحقيق مفهوم المواطنة على أرض الواقع التي هي اساس النظام الديمقراطي الفعال .
فعندما تتم المصالحة مع الذات ومع الآخرين ويتحقق الانتماء الوطني ، تنتقل المواطنة من كونها مجرد نصوص مكتوبة الى ممارسة تترجم لتصبح المساواة بين المواطنين فيها قيمة اجتماعية واخلاقية وممارسة سلوكية يومية من قبل المواطنين فيعبر ذلك عن مدى انتمائهم ووعيهم الثقافي ورقيهم الحضاري وادراكهم السياسي من خلال تربية مواطنية حقة قامت باعدادهم وتنميتهم على ذلك .
فهذه التربية المواطنية التي هدفها الأول ومحورها الأساسي هم الأفراد الذين يجب إيصال المعرفة لهم وخلق الرغبة والشعور بداخلهم ، يجب ان تكون نضالية مستمرة ، تعمل على تغليب الانتماء إلى الوطن على أي انتماء سياسي آخر ، وان تتعامل مع المواطنين على انهم يمتلكون قدرات عقلية وانهم أحرار ، وانهم متساوون أمام القانون ، وأنها تسعى للخير المشترك للمواطنين جميعاً ، وان تخلق نوعاً من التوازن بين حقوق المواطنين وواجباتهم ، فبذلك تكون التربية المواطنية قد قامت بوظيفتها الفعلية وتكون قد حققت أهدافها بإعداد المواطنين وتنميتهم وفتح إدراكهم السياسي وبذلك يؤدي إلى تحقيق المواطنة الحقيقية المطلوبة في ظل نظام سيقال عنه أنه بالفعل نظام ديمقراطي يحترم المواطنة .
المراجع
(1) ابن منظور ، لسان العرب ، مادة (و ط ن)
(2)  سورة التوبة ، آية رقم 25 .
(3) المنجد ، مادة ( و ط ن )  .
(4) مختار الصحاح مادة ( و ط ن )
(5) الديمقراطية ، دوروثي بيكلس ص 32
 (6) أ.د محمد سليم العوَّا  ، غير المسلمين في المجتمع المسلم: اجتهادات معاصرة نظام أهل الذمة.. رؤية إسلامية معاصرة
(7) المرجع السابق
(8) المرجع السابق
(9) مسعود صبري،
 (10) ما هي المواطنة ، نبيل الصالح ص12
(12) دراسة مقدمة للقاء السنوي الثالث عشر لقادة العمل التربوي - الباحة 1426هـ  إعداد د . عثمان بن صالح العامر أستاذ الثقافة المشارك - مدير عام إدارة التربية والتعليم بمنطقة حائل بتصرف

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الساعة بتوقيت الجزائر تشير الى

 

Copyright 2008 All Rights Reserved | الجزائر للسياحة Designed by Bloggers Template | تعريب وتطوير : قوالب بلوجر معربة