محمد عابد الجابري
في مقال سابق نشرناه على هذه الصفحة بعنوان "كلام في مفردات الخطاب" أحصينا نحو خمس وعشرين مفردة "دخلت" في خطابنا العربي منذ أوائل الثمانينات -تاريخ انتشار مفاهيم العولمة- لتحل محل مفردات ّأخرى كانت سائدة في المراحل السابقة من تاريخنا الحديث. من هذه المفردات: الوطنية والمواطنة.
لقد اخترنا الكلام في هذا الزوج ليس فقط لأن "المسألة الوطنية" قد عادت لتطرح في بعض الدول العربية، ربما بدرجة من الوعي أعمق، بل أيضا لأنني أتوهم أن كثيرين ممن يطرحون شعار "الموطنة" الرائج اليوم لا يستحضرون جميع معاني هذا اللفظ بل يفهمون منه شيئا ربما يختلف تماما في عصر العولمة عن معناه الأصلي الذي استعمل فيه زمن الثورة الفرنسية وامتداداتها.
إن لفظ "الوطنية" لا وجود له في القواميس العربية القديمة. أما "وطن" فتقول عنه هذه القواميس : "وطن، مُحرَّكةً ويُسَكَّنُ: مَنْزِلُ الإقامَةِ، ومَرْبَطُ البَقَرِ والغَنَمِ، والجمع: أوطانٌ. وصيغة لفظ "وطنية" مصدر اصطناعي كـ"الإنسانية" من الإنسان. وقد شاع استعماله بكثرة في جميع أرجاء العالم العربي والإمبراطورية العثمانية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، والغالب أنه ترجمة لمفهومين سادا في فرنسا في ذلك القرن: الأول هو patriotisme من patrie ومعناه الوطن. والثاني ناسيوناليزم" nationalisme من nation التي ترجمت بـ "الأمة".
أما المفهوم الأول فترجمته موفقة لا غبار عليها. والمعانى الذي يحمله اللفظ الفرنسي patriotisme هي : "شعور بالانتماء إلى بلد يقوي الوحدة بين أبنائه على أساس قيم مشتركة". وأيضا "حالة نفسية/روحية تدفع الواحد إلى الشعور بالحب والاعتزاز وإلى الدفاع عن مصالح بلده". ثم يضيف القاموس الذي نقتبس منه: "يجب عدم الخلط بين "الوطنية" patriotisme وبين مظهراها المتطرف بل العدواني المسمى "الشوفينية" chauvinisme (http://fr.wikipedia.org/wiki/Chauvinisme) (العصبية العرقية)، كما يجب التمييز بين "الوطنية" patriotisme وبين "ناسيوناليزم" nationalisme الذي هو إيديولوجيا سياسية. وهذا اللفظ أخذ من nation، كما قلنا ومعناه: "جماعة بشرية تتعرف على نفسها بارتباطها ببقعة من الأرض على مدى التاريخ ويجمعها الشعور بالانتماء إلى نفس المجموعة"، وقد ترجمت هذه الكلمة بـ "الأمة" وهي ترجمة أقل توفيقا، لأن عنصر الأرض لا يدخل بالضرورة في مفهوم "الأمة" باللغة العربية (قارن الأمة الإسلامية، أمة محمد، ويطلق في القرآن ليس على جماعة من البشر فحسب، بل أيضا على "أنواع" المخلوقات كالطيور... الخ). ولما كان من غير المستساغ في اللغة العربية اشتقاق مصدر صناعي من لفظ "أمة" لوضعه كترجمة للمفهوم المشتق من كلمة nation أعني nationalisme، فقد ترجم هذا المفهوم، في المغرب العربي خاصة بكلمة "وطنية"، بينما ترجم في المشرق بكلمة "قومية" في الغالب، نسبة إلى "القوم". وهذه ترجمة فيها نظر! إنها لا تسمح مثلا باشتقاق لفظ يعبر عن معنى nationalité الذي نعبر عنه في العربية بلفظ "جنسية"، وهو بعيد عن لفظ "قومية" وأفقر منه بما لا يقاس.
وهذا الاختلاف بين المغرب والمشرق يرجع إلى وضعية كل منهما، أكثر مما يعود إلى اعتبارات أخرى. ذلك أن "الآخر" الذي كان يتحدد به "الأنا" في المغرب العربي هو الاستعمار الفرنسي، وهو استعمار استيطاني. والاحتلال الذي قام به كان احتلالا للأرض بالقوة والاستيلاء عليها لفائدة "المعمرين"، فالمستهدف أساسا كان هو "الوطن"، بوصفه الأرض وما يرتبط بها من مشاعر ومخايل وتاريخ، أرض الأجداد والذكريات الخ. أما في المشرق العربي فقد كان "الآخر"، في القرن التاسع عشر، هو جنوح الخلافة العثمانية نحو التتريك، أي فرض سيادة العنصر التركي في تلك الإمبراطورية على "الأقليات" الأخرى ومنها العرب. و"سياسة التتريك"، هذه، كانت تستقي نموذجها من أوروبا، وبالتخصيص من مفهوم "الناسيوناليزم" Nationalisme الذي هو "إيديولوجيا سياسية"، وقد تطورت هذه الإيديولوجيا إلى تكريس مفهوم "التفوق العرقي" الذي شيدت على أساسه ومن أجل تبريره نظريات "علمية" (كذا!) في ألمانيا خاصة.
ومن هنا كان مفهوم "الأمة" و"القومية" في المشرق العربي على تواصل بالنظريات الألمانية خصوصا بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية وتقاسم الدول الأوربية المنتصرة، وبكيفية خاصة، بريطانيا وفرنسا للعالم العربي، وتجزئة المشرق العربي منه إلى أجزاء ضدا على الجغرافية والتاريخ والأصول الخ. لقد جرى ذلك بصورة تعسفية جدا في "سورة الكبرى" التي قسمت إلى الأردن، وفلسطين، ولبنان، وسورية الحالية التي سلخت منها مقاطعة الأسكندرون لتضم إلى تركيا. أما الخليج فقد أقرت فيه "المشيخات" ككيانات سياسية تحت السيطرة البريطانية.
ومن هنا جاء مفهوم "التجزئة في المشرق العربي ليحل محل "الآخر" السابق ("سياسة التتريك") وليصبح هو "الآخر" الذي يتحدد به مفهوم "الأمة العربية". وعندما نشطت حركات التحرر الوطني في "شمال إفريقيا" واتجهت إلى المشرق لتؤكد انتماءها العربي، ضدا على سياسة "الفرنسة" التي اتبعها الاستعمار فيها، وجدت تجاوبا قويا، تجسَّم في المناصرة الشعبية والإعلامية والتزويد بالسلاح الخ. ومن هنا توسع أفق الحركات الوطنية والقومية في المشرق العربي فأخذت ترى التجزئة التي قام بها الاستعمار هناك قد امتدت في الواقع إلى "شمال إفريقيا" التي أصبحت تدعى بـ"المغرب العربي" منذ تأسيس "الجامعة العربية"، وبالخصوص منذ إنشاء "مكتب المغرب العربي" في القاهرة، بقيادة بطل "حرب الريف" محمد بن عبد الكريم الذي كان مقيما في القاهرة ...
ومع أن العلاقات بين دول المغرب العربي ودول المشرق العربي فد توطدت وتنامت إلا أنه لم يكن هناك في المغرب العربي نفس "الشعور القومي" الذي ساد في أقطار المشرق سواء قبل جمال عبد الناصر أو في عهده أو بعده. كما أنه لم يكن هناك انتشار ولا شيوع للفظ "القومية" كبديل عن الوطنية. ومع أن حزبا وطنيا في المغرب الأقصى كان قد أطلق على نفسه في الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي، عبارة "الحركة القومية"، فإنه لم يكن يعني بهذا الاسم شيئا آخر غير "الحركة الوطنية"، وكان هذا الاسم الأخير قد سبق إليه "الحزب الوطني"، عند انقسام "كتلة العمل الوطني" التي خرج الحزبان من رحمها.
أما سبب غياب مفهوم "القومية" في المغرب العربي فيرجع إلى عدة عوامل لعل أهمها هو أن هذا المفهوم قد تأسس في الوجدان العربي، في الشام والعراق خاصة، ضدا على سياسة التتريك العثمانية ثم على واقع "التجزئة" الاستعمارية.
أما المغرب العربي فلم تمسه "سياسة التتريك"، أما التجزئة فقد كانت فيه، ولا تزال، إرثا تاريخيا، لم يخلقها الاستعمار الفرنسي وإن كان قد عمقها. كان المغرب الأقصى قبل الاستعمار دولة مستقلة عن المشرق منذ هارون الرشيد، وكان هو والدولة الأموية في الأندلس من أولى "الدول المستقلة" عن الدولة العباسية. أضف إلى ذلك أنه، أعني المغرب الأقصى، قد تحول في فترات طويلة من تاريخه إلى إمبراطورية امتدت حدودها: حينا إلى مصر، وحينا إلى جنوب السنغال ومالي، وحينا آخر إلى جبال البرانس بإسبانيا (الأندلس). أضف إلى ذلك أنه لم يخضع قط للإمبراطورية العثمانية. وإلى ما قبل فرض معاهدة الحماية عليه سنة 1912 كان يطلق عليه في الخطاب الديبلوامسي الأوربي اسم "الإمبراطورية الشريفية" (نسبة إلى الأشراف (من نسل علي بن أبي طالب) الذين صاروا على رأس الدولة المغربية منذ القرن السابع عشر). أما تونس والجزائر فقد كانتا قبل الاستعمار الفرنسي ولايتين من ولايات الإمبراطورية العثمانية، تتمتعان بنوع من "الاستقلال الذاتي".
هذا الوضع التاريخي قد وجه الحركات الوطنية في هذه الأقطار إلى نشدان وحدة تجمع بينها من أجل توحيد الجهود لمقاومة الاستعمار الفرنسي أولا، لتتطور ثانيا إلى وحدة تكون بديلا عن الانفصال الذي كرسه. أما الدخول في مشروع "قومي" (إقامة الوحدة العربية)، فقد كان يقع ولازال، بعيدا عن الأفق المنظور. (للمقال صلة).
المواطنة... والمواطن: جولة أولى!
محمد عابد الجابري
تحدثنا في المقال السابق عن الوطنية والقومية، أما في هذا المقال فسنحاول القيام بجولة أولى في مفهوم المواطنة والمواطن!
نبدأ بما قد تعطيه لنا اللغة العربية عن هذين اللفظين: ولا شك أن القارئ سيستغرب معي غياب هذا اللفظ في معاجمنا القديمة المتداولة: لسان العرب والقاموس المحيط، والصحاح، وتاج العروس الخ. أما في نصوص الكتاب والأدباء فاللفظ غائب أيضا، ولم أعثر له على أثر إلا في كتاب "خريدة القصر وجريدة العصر": للعماد الإصبهاني الذي عاش في القرن السادس الهجري (ولد سنة 519 وتوفي سنة 597 هـ) وموضوعه: أعيان وفضلاء عصره من الخلفاء إلى الشعراء الخ، منطلقا من بغداد ... إلى المغرب والأندلس. وقد وردت كلمة "مواطنة" مرة واحدة في هذا الكتاب الضخم في رسالة نقلها يمدح فيها كاتبها بيت من يمدح بقوله عنها: "مكتسبة من الأشباح القدسيّة علاءً، ومنتسبة إلى الأشخاص الإنسية ولاءً، مترفّعة عن مواطنة الأغفال، ومقارنة أهل السّفال".
وواضح أن معنى "المواطنة" هنا هو: المصاحبة والعيش مع... ولم يسعفني الحظ بالعثور على غير هذا النص فيما أمكنني البحث فيه من الكتب. ويكفي أن تكون الكلمة غائبة في المعاجم التي ذكرت... أما كلمة "مُواطن" (بضم الميم) فهي أقل حظا، إذ لم أعثر لها على أثر في أي قاموس أو نص (قبل عصر اليقظة العربية الحديثة). لقد وردت كلمة وطَن والجمع أوطان. ومَوْطِن، والجمع "مَواطن" (بفتح الميم). كما ورد لفظ واطَن "واطَنَهُ على الأمْرِ: أَضمر فعله معه، فإِن أَراد معنى وافقه قال: واطأَه- لسان العرب"، كما ورد لفظ "ّوطَّن" (بتشديد الطاء) إذ يقال: "وَطَّنَ نَفسَهُ علـى الشيء وله، فتَوَطَّنَتْ : حملها علـيه".
إذن، لفظ "مواطنة" ونسيبه "مُواطن" ليس فيهما من العربية غير الصيغة (مفاعلة، مُفاعل) وهي للمشاركة: مقاتلة/مقاتل، مضاربة/مضارب. وقد حاولت أن أتعرف على اللفظ الذي كان يستعمله العرب قبل "عصر اليقظة العربية" لأداء مفهوم "المواطنة" والمواطن" كما نستعملهما اليوم في خطابنا المعاصر فلم أجد.
أما قاموس "المنجد" لمؤلفه لويس معلوف والذي ظهر في ظل "اليقظة العربية الحديثة"، إذ صدرت الطبعة الأولى منه عام ،1909 فإنا لا نجد في طبعته الخامسة عشرة التي ظهرت عام 1956، العام الذي بدأ معه العصر الذهبي للوطنية العربية مشرقا ومغربا، أقول: لا نجد عنده حول مادة "و.ط.ن" إلا ما يلي: "وطن بالمكان: أقام به. وطّن نفسه على الأمر وللأمر: هيأها لفعله، وطَن البلد: اتخذه موطنا. واطَنه على الأمر: أضمر أن يفعله معه. الوطَن: ج. أوطان: "منزل إقامة الإنسان ولد فيه أم لم يولد"، وأيضا: "مربط المواشي". "المُواطن: الذي نشأ معك في وطن واحد أو الذي يقيم معك فيه". وواضح أن الألفاظ السابقة ومعانيها منقولة عن القواميس القديمة. باستثناء لفظين:
- اللفظ ما قبل الأخير أعني "وَطن" ففي تعريفه إضافة لا أصل لها في المعاجم القديمة، وهي قوله "ولد فيه أم لم يولد"؛ فهذا الجزء من التعريف منقول من لغة أجنبية. أما قوله : "منزل إقامة الإنسان" و"مربط المواشي" فهو المعنى الأصيل في اللغة العربية، وقد سبق أن ذكرنا هذا في مقال الأسبوع الماضي.
- يبقى اللفظ الأخير أعني "المُواطن" فهو منقول كله لفظا ومعنى". ولا يمكن أن يقال هو من "واطنه" على الأمر، لأن المعنى يختلف. والفعل "وَطَنَ به يَطِنُ وأوْطَنَ : أقامَ"، وصيغة اسم الفاعل منه "واطِنٌ" (مثل: قتل فهو قاتل)، وهذه الصيغة من المهمل وليست من المستعمل.
النتيجة : ليس في مخزون العرب، اللغوي وبالتالي الفكري والوجداني، ما يفيد "ما" يعنونه اليوم باللفظين: "المواطنة" و"المواطن". وكلمة "ما" هنا تفيد النكرة وقد وضعناها بين مزدوجتين: لتقوية معنى النكرة فيها!
لماذا هذا الغياب؟
الجواب هو أن هاتين الكلمتين من الكلمات المترجمة. وليس العيب في أن تنقل لغة من لغة أخري كلمات وعبارات وأمثال ومعارف وعلوم. فجميع لغات العالم قائمة على الأخذ والعطاء. وقد نقل الأوربيون كثيرا عن العربية عند ابتداء نهضتهم الأولى في القرن الثاني عشر الميلادي وما زالوا ينقلون (هم يستعملون اليوم كلمات عربية عديدة لأنهم لا يجدون لها مقابلا في لغاتهم مثل كلمة "انتفاضة" والـ"جهاد" و"طوبيب" toubibأي "الطبيب" بالمعنى العربي الشعبي أي "المداوي" سواء بالعقاقير أو بالسحر؟ (قرأت في بعض النصوص الفرنسية حول هذه الكلمة ما ترجمته : "هذه الكلمة toubibالتي دخلت اللغة الفرنسية عام 1898، كانت قد استعيرت من العربية الجزائرية "طْبيب" (بسكون الطاء) التي تدل بالضبط على الساحر sorcier ").
ما أريد التنبيه إليه بهذا الاستشهاد هو لفت النظر إلى أن اللغة العربية لم يتم التأريخ لها، لا قديما ولا حديثا. وغياب التأريخ للغة من اللغات يؤدي إلى غياب الوعي بالتطور لدى أصحابها. وهكذا فلو توفر لدينا قاموس يضع بجانب كل معنى من معاني الكلمات تاريخ استعمال هذه الكلمة أو تلك، في هذا المعنى أو ذلك، لسهل علينا أن نعرف الآن متى دخلت دخلت لغتنا "كلمة "مواطنة" ونسيبها "مواطن" ، وكيف تقلبت بها الأحوال الخ.
لعل القارئ يستعجلني ويطلب مني "الانتقال" إلى الموضوع، أعني إلى إعطاء رأي في معنى المواطنة والمواطن.
وأجيبه لقد قصدت القيام بهذا النوع من "اللف والدوران" حتى لا أصدمه بكلام يزعزع ويخلخل ما في ذهنه عن "المواطنة" و"المواطن". وأقصد هنا جمهور القراء الذين يكتسبون المعرفة بمثل هذه المفاهيم والشعارات مما يروج في سوق العولمة اللغوية المعاصرة.
ذلك أنه يجب التمييز بين لفظ "الوَطنيُّ" الذي يقابل في اللغتين الأجنبيتين الرائجتين عندنا (الفرنسية والإنجليزية) لفظ patriote، المأخوذ من patrie بمعنى الوطن. ومنه patriotisme بمعنى الوطنية (حب الوطن والاستعداد للدفاع عنه الخ)، وبين لفظ compatriote ومعناه الشخص الذي يعيش في بلد واحد مع آخرين، وهذا هو معنى "المواطن" كما يستعمل اليوم في عصر العولمة. و"المواطنة" بهذا المعنى يعبر عنها بـ compatriotisme ، ومعناها وضعية المنتسبين إلى بلد واحد. والجدير بالتنبه هنا أن هذا المعنى لا يتضمن أن الذين يسمون بهذا الاسم compatriote (المواطن) يحملون "جنسية" واحدة، إن لفظ "الجنسية" الذي نترجم به لفظ nationalitéهو مشتق من nation بمعنى أمة أو قومية، وليس من patrie بمعنى "وطن". ولهذا يقال مثلا للفرنسي أو الإنجليزي أو المغربي أو المصري الخ: "إن مُواطنك الذي رأيتُه معك أمس هو من جنسية لبنانية، أليس كذلك؟ ويأتي الجواب بنعم، أو بـ لا : "بل هو من جنسية يونانية"!
لفظ واحد غائب في هذه الجولة، أعنيcitoyen citizenالذي يعتقد بعض الناس أنه ما زال هو معنى "المواطن" في عصر العولمة! والكلام في هذا اللفظ ومشتقاته يحتاج إلى جولة خاصة به.
في مقال سابق نشرناه على هذه الصفحة بعنوان "كلام في مفردات الخطاب" أحصينا نحو خمس وعشرين مفردة "دخلت" في خطابنا العربي منذ أوائل الثمانينات -تاريخ انتشار مفاهيم العولمة- لتحل محل مفردات ّأخرى كانت سائدة في المراحل السابقة من تاريخنا الحديث. من هذه المفردات: الوطنية والمواطنة.
لقد اخترنا الكلام في هذا الزوج ليس فقط لأن "المسألة الوطنية" قد عادت لتطرح في بعض الدول العربية، ربما بدرجة من الوعي أعمق، بل أيضا لأنني أتوهم أن كثيرين ممن يطرحون شعار "الموطنة" الرائج اليوم لا يستحضرون جميع معاني هذا اللفظ بل يفهمون منه شيئا ربما يختلف تماما في عصر العولمة عن معناه الأصلي الذي استعمل فيه زمن الثورة الفرنسية وامتداداتها.
إن لفظ "الوطنية" لا وجود له في القواميس العربية القديمة. أما "وطن" فتقول عنه هذه القواميس : "وطن، مُحرَّكةً ويُسَكَّنُ: مَنْزِلُ الإقامَةِ، ومَرْبَطُ البَقَرِ والغَنَمِ، والجمع: أوطانٌ. وصيغة لفظ "وطنية" مصدر اصطناعي كـ"الإنسانية" من الإنسان. وقد شاع استعماله بكثرة في جميع أرجاء العالم العربي والإمبراطورية العثمانية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، والغالب أنه ترجمة لمفهومين سادا في فرنسا في ذلك القرن: الأول هو patriotisme من patrie ومعناه الوطن. والثاني ناسيوناليزم" nationalisme من nation التي ترجمت بـ "الأمة".
أما المفهوم الأول فترجمته موفقة لا غبار عليها. والمعانى الذي يحمله اللفظ الفرنسي patriotisme هي : "شعور بالانتماء إلى بلد يقوي الوحدة بين أبنائه على أساس قيم مشتركة". وأيضا "حالة نفسية/روحية تدفع الواحد إلى الشعور بالحب والاعتزاز وإلى الدفاع عن مصالح بلده". ثم يضيف القاموس الذي نقتبس منه: "يجب عدم الخلط بين "الوطنية" patriotisme وبين مظهراها المتطرف بل العدواني المسمى "الشوفينية" chauvinisme (http://fr.wikipedia.org/wiki/Chauvinisme) (العصبية العرقية)، كما يجب التمييز بين "الوطنية" patriotisme وبين "ناسيوناليزم" nationalisme الذي هو إيديولوجيا سياسية. وهذا اللفظ أخذ من nation، كما قلنا ومعناه: "جماعة بشرية تتعرف على نفسها بارتباطها ببقعة من الأرض على مدى التاريخ ويجمعها الشعور بالانتماء إلى نفس المجموعة"، وقد ترجمت هذه الكلمة بـ "الأمة" وهي ترجمة أقل توفيقا، لأن عنصر الأرض لا يدخل بالضرورة في مفهوم "الأمة" باللغة العربية (قارن الأمة الإسلامية، أمة محمد، ويطلق في القرآن ليس على جماعة من البشر فحسب، بل أيضا على "أنواع" المخلوقات كالطيور... الخ). ولما كان من غير المستساغ في اللغة العربية اشتقاق مصدر صناعي من لفظ "أمة" لوضعه كترجمة للمفهوم المشتق من كلمة nation أعني nationalisme، فقد ترجم هذا المفهوم، في المغرب العربي خاصة بكلمة "وطنية"، بينما ترجم في المشرق بكلمة "قومية" في الغالب، نسبة إلى "القوم". وهذه ترجمة فيها نظر! إنها لا تسمح مثلا باشتقاق لفظ يعبر عن معنى nationalité الذي نعبر عنه في العربية بلفظ "جنسية"، وهو بعيد عن لفظ "قومية" وأفقر منه بما لا يقاس.
وهذا الاختلاف بين المغرب والمشرق يرجع إلى وضعية كل منهما، أكثر مما يعود إلى اعتبارات أخرى. ذلك أن "الآخر" الذي كان يتحدد به "الأنا" في المغرب العربي هو الاستعمار الفرنسي، وهو استعمار استيطاني. والاحتلال الذي قام به كان احتلالا للأرض بالقوة والاستيلاء عليها لفائدة "المعمرين"، فالمستهدف أساسا كان هو "الوطن"، بوصفه الأرض وما يرتبط بها من مشاعر ومخايل وتاريخ، أرض الأجداد والذكريات الخ. أما في المشرق العربي فقد كان "الآخر"، في القرن التاسع عشر، هو جنوح الخلافة العثمانية نحو التتريك، أي فرض سيادة العنصر التركي في تلك الإمبراطورية على "الأقليات" الأخرى ومنها العرب. و"سياسة التتريك"، هذه، كانت تستقي نموذجها من أوروبا، وبالتخصيص من مفهوم "الناسيوناليزم" Nationalisme الذي هو "إيديولوجيا سياسية"، وقد تطورت هذه الإيديولوجيا إلى تكريس مفهوم "التفوق العرقي" الذي شيدت على أساسه ومن أجل تبريره نظريات "علمية" (كذا!) في ألمانيا خاصة.
ومن هنا كان مفهوم "الأمة" و"القومية" في المشرق العربي على تواصل بالنظريات الألمانية خصوصا بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية وتقاسم الدول الأوربية المنتصرة، وبكيفية خاصة، بريطانيا وفرنسا للعالم العربي، وتجزئة المشرق العربي منه إلى أجزاء ضدا على الجغرافية والتاريخ والأصول الخ. لقد جرى ذلك بصورة تعسفية جدا في "سورة الكبرى" التي قسمت إلى الأردن، وفلسطين، ولبنان، وسورية الحالية التي سلخت منها مقاطعة الأسكندرون لتضم إلى تركيا. أما الخليج فقد أقرت فيه "المشيخات" ككيانات سياسية تحت السيطرة البريطانية.
ومن هنا جاء مفهوم "التجزئة في المشرق العربي ليحل محل "الآخر" السابق ("سياسة التتريك") وليصبح هو "الآخر" الذي يتحدد به مفهوم "الأمة العربية". وعندما نشطت حركات التحرر الوطني في "شمال إفريقيا" واتجهت إلى المشرق لتؤكد انتماءها العربي، ضدا على سياسة "الفرنسة" التي اتبعها الاستعمار فيها، وجدت تجاوبا قويا، تجسَّم في المناصرة الشعبية والإعلامية والتزويد بالسلاح الخ. ومن هنا توسع أفق الحركات الوطنية والقومية في المشرق العربي فأخذت ترى التجزئة التي قام بها الاستعمار هناك قد امتدت في الواقع إلى "شمال إفريقيا" التي أصبحت تدعى بـ"المغرب العربي" منذ تأسيس "الجامعة العربية"، وبالخصوص منذ إنشاء "مكتب المغرب العربي" في القاهرة، بقيادة بطل "حرب الريف" محمد بن عبد الكريم الذي كان مقيما في القاهرة ...
ومع أن العلاقات بين دول المغرب العربي ودول المشرق العربي فد توطدت وتنامت إلا أنه لم يكن هناك في المغرب العربي نفس "الشعور القومي" الذي ساد في أقطار المشرق سواء قبل جمال عبد الناصر أو في عهده أو بعده. كما أنه لم يكن هناك انتشار ولا شيوع للفظ "القومية" كبديل عن الوطنية. ومع أن حزبا وطنيا في المغرب الأقصى كان قد أطلق على نفسه في الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي، عبارة "الحركة القومية"، فإنه لم يكن يعني بهذا الاسم شيئا آخر غير "الحركة الوطنية"، وكان هذا الاسم الأخير قد سبق إليه "الحزب الوطني"، عند انقسام "كتلة العمل الوطني" التي خرج الحزبان من رحمها.
أما سبب غياب مفهوم "القومية" في المغرب العربي فيرجع إلى عدة عوامل لعل أهمها هو أن هذا المفهوم قد تأسس في الوجدان العربي، في الشام والعراق خاصة، ضدا على سياسة التتريك العثمانية ثم على واقع "التجزئة" الاستعمارية.
أما المغرب العربي فلم تمسه "سياسة التتريك"، أما التجزئة فقد كانت فيه، ولا تزال، إرثا تاريخيا، لم يخلقها الاستعمار الفرنسي وإن كان قد عمقها. كان المغرب الأقصى قبل الاستعمار دولة مستقلة عن المشرق منذ هارون الرشيد، وكان هو والدولة الأموية في الأندلس من أولى "الدول المستقلة" عن الدولة العباسية. أضف إلى ذلك أنه، أعني المغرب الأقصى، قد تحول في فترات طويلة من تاريخه إلى إمبراطورية امتدت حدودها: حينا إلى مصر، وحينا إلى جنوب السنغال ومالي، وحينا آخر إلى جبال البرانس بإسبانيا (الأندلس). أضف إلى ذلك أنه لم يخضع قط للإمبراطورية العثمانية. وإلى ما قبل فرض معاهدة الحماية عليه سنة 1912 كان يطلق عليه في الخطاب الديبلوامسي الأوربي اسم "الإمبراطورية الشريفية" (نسبة إلى الأشراف (من نسل علي بن أبي طالب) الذين صاروا على رأس الدولة المغربية منذ القرن السابع عشر). أما تونس والجزائر فقد كانتا قبل الاستعمار الفرنسي ولايتين من ولايات الإمبراطورية العثمانية، تتمتعان بنوع من "الاستقلال الذاتي".
هذا الوضع التاريخي قد وجه الحركات الوطنية في هذه الأقطار إلى نشدان وحدة تجمع بينها من أجل توحيد الجهود لمقاومة الاستعمار الفرنسي أولا، لتتطور ثانيا إلى وحدة تكون بديلا عن الانفصال الذي كرسه. أما الدخول في مشروع "قومي" (إقامة الوحدة العربية)، فقد كان يقع ولازال، بعيدا عن الأفق المنظور. (للمقال صلة).
المواطنة... والمواطن: جولة أولى!
محمد عابد الجابري
تحدثنا في المقال السابق عن الوطنية والقومية، أما في هذا المقال فسنحاول القيام بجولة أولى في مفهوم المواطنة والمواطن!
نبدأ بما قد تعطيه لنا اللغة العربية عن هذين اللفظين: ولا شك أن القارئ سيستغرب معي غياب هذا اللفظ في معاجمنا القديمة المتداولة: لسان العرب والقاموس المحيط، والصحاح، وتاج العروس الخ. أما في نصوص الكتاب والأدباء فاللفظ غائب أيضا، ولم أعثر له على أثر إلا في كتاب "خريدة القصر وجريدة العصر": للعماد الإصبهاني الذي عاش في القرن السادس الهجري (ولد سنة 519 وتوفي سنة 597 هـ) وموضوعه: أعيان وفضلاء عصره من الخلفاء إلى الشعراء الخ، منطلقا من بغداد ... إلى المغرب والأندلس. وقد وردت كلمة "مواطنة" مرة واحدة في هذا الكتاب الضخم في رسالة نقلها يمدح فيها كاتبها بيت من يمدح بقوله عنها: "مكتسبة من الأشباح القدسيّة علاءً، ومنتسبة إلى الأشخاص الإنسية ولاءً، مترفّعة عن مواطنة الأغفال، ومقارنة أهل السّفال".
وواضح أن معنى "المواطنة" هنا هو: المصاحبة والعيش مع... ولم يسعفني الحظ بالعثور على غير هذا النص فيما أمكنني البحث فيه من الكتب. ويكفي أن تكون الكلمة غائبة في المعاجم التي ذكرت... أما كلمة "مُواطن" (بضم الميم) فهي أقل حظا، إذ لم أعثر لها على أثر في أي قاموس أو نص (قبل عصر اليقظة العربية الحديثة). لقد وردت كلمة وطَن والجمع أوطان. ومَوْطِن، والجمع "مَواطن" (بفتح الميم). كما ورد لفظ واطَن "واطَنَهُ على الأمْرِ: أَضمر فعله معه، فإِن أَراد معنى وافقه قال: واطأَه- لسان العرب"، كما ورد لفظ "ّوطَّن" (بتشديد الطاء) إذ يقال: "وَطَّنَ نَفسَهُ علـى الشيء وله، فتَوَطَّنَتْ : حملها علـيه".
إذن، لفظ "مواطنة" ونسيبه "مُواطن" ليس فيهما من العربية غير الصيغة (مفاعلة، مُفاعل) وهي للمشاركة: مقاتلة/مقاتل، مضاربة/مضارب. وقد حاولت أن أتعرف على اللفظ الذي كان يستعمله العرب قبل "عصر اليقظة العربية" لأداء مفهوم "المواطنة" والمواطن" كما نستعملهما اليوم في خطابنا المعاصر فلم أجد.
أما قاموس "المنجد" لمؤلفه لويس معلوف والذي ظهر في ظل "اليقظة العربية الحديثة"، إذ صدرت الطبعة الأولى منه عام ،1909 فإنا لا نجد في طبعته الخامسة عشرة التي ظهرت عام 1956، العام الذي بدأ معه العصر الذهبي للوطنية العربية مشرقا ومغربا، أقول: لا نجد عنده حول مادة "و.ط.ن" إلا ما يلي: "وطن بالمكان: أقام به. وطّن نفسه على الأمر وللأمر: هيأها لفعله، وطَن البلد: اتخذه موطنا. واطَنه على الأمر: أضمر أن يفعله معه. الوطَن: ج. أوطان: "منزل إقامة الإنسان ولد فيه أم لم يولد"، وأيضا: "مربط المواشي". "المُواطن: الذي نشأ معك في وطن واحد أو الذي يقيم معك فيه". وواضح أن الألفاظ السابقة ومعانيها منقولة عن القواميس القديمة. باستثناء لفظين:
- اللفظ ما قبل الأخير أعني "وَطن" ففي تعريفه إضافة لا أصل لها في المعاجم القديمة، وهي قوله "ولد فيه أم لم يولد"؛ فهذا الجزء من التعريف منقول من لغة أجنبية. أما قوله : "منزل إقامة الإنسان" و"مربط المواشي" فهو المعنى الأصيل في اللغة العربية، وقد سبق أن ذكرنا هذا في مقال الأسبوع الماضي.
- يبقى اللفظ الأخير أعني "المُواطن" فهو منقول كله لفظا ومعنى". ولا يمكن أن يقال هو من "واطنه" على الأمر، لأن المعنى يختلف. والفعل "وَطَنَ به يَطِنُ وأوْطَنَ : أقامَ"، وصيغة اسم الفاعل منه "واطِنٌ" (مثل: قتل فهو قاتل)، وهذه الصيغة من المهمل وليست من المستعمل.
النتيجة : ليس في مخزون العرب، اللغوي وبالتالي الفكري والوجداني، ما يفيد "ما" يعنونه اليوم باللفظين: "المواطنة" و"المواطن". وكلمة "ما" هنا تفيد النكرة وقد وضعناها بين مزدوجتين: لتقوية معنى النكرة فيها!
لماذا هذا الغياب؟
الجواب هو أن هاتين الكلمتين من الكلمات المترجمة. وليس العيب في أن تنقل لغة من لغة أخري كلمات وعبارات وأمثال ومعارف وعلوم. فجميع لغات العالم قائمة على الأخذ والعطاء. وقد نقل الأوربيون كثيرا عن العربية عند ابتداء نهضتهم الأولى في القرن الثاني عشر الميلادي وما زالوا ينقلون (هم يستعملون اليوم كلمات عربية عديدة لأنهم لا يجدون لها مقابلا في لغاتهم مثل كلمة "انتفاضة" والـ"جهاد" و"طوبيب" toubibأي "الطبيب" بالمعنى العربي الشعبي أي "المداوي" سواء بالعقاقير أو بالسحر؟ (قرأت في بعض النصوص الفرنسية حول هذه الكلمة ما ترجمته : "هذه الكلمة toubibالتي دخلت اللغة الفرنسية عام 1898، كانت قد استعيرت من العربية الجزائرية "طْبيب" (بسكون الطاء) التي تدل بالضبط على الساحر sorcier ").
ما أريد التنبيه إليه بهذا الاستشهاد هو لفت النظر إلى أن اللغة العربية لم يتم التأريخ لها، لا قديما ولا حديثا. وغياب التأريخ للغة من اللغات يؤدي إلى غياب الوعي بالتطور لدى أصحابها. وهكذا فلو توفر لدينا قاموس يضع بجانب كل معنى من معاني الكلمات تاريخ استعمال هذه الكلمة أو تلك، في هذا المعنى أو ذلك، لسهل علينا أن نعرف الآن متى دخلت دخلت لغتنا "كلمة "مواطنة" ونسيبها "مواطن" ، وكيف تقلبت بها الأحوال الخ.
لعل القارئ يستعجلني ويطلب مني "الانتقال" إلى الموضوع، أعني إلى إعطاء رأي في معنى المواطنة والمواطن.
وأجيبه لقد قصدت القيام بهذا النوع من "اللف والدوران" حتى لا أصدمه بكلام يزعزع ويخلخل ما في ذهنه عن "المواطنة" و"المواطن". وأقصد هنا جمهور القراء الذين يكتسبون المعرفة بمثل هذه المفاهيم والشعارات مما يروج في سوق العولمة اللغوية المعاصرة.
ذلك أنه يجب التمييز بين لفظ "الوَطنيُّ" الذي يقابل في اللغتين الأجنبيتين الرائجتين عندنا (الفرنسية والإنجليزية) لفظ patriote، المأخوذ من patrie بمعنى الوطن. ومنه patriotisme بمعنى الوطنية (حب الوطن والاستعداد للدفاع عنه الخ)، وبين لفظ compatriote ومعناه الشخص الذي يعيش في بلد واحد مع آخرين، وهذا هو معنى "المواطن" كما يستعمل اليوم في عصر العولمة. و"المواطنة" بهذا المعنى يعبر عنها بـ compatriotisme ، ومعناها وضعية المنتسبين إلى بلد واحد. والجدير بالتنبه هنا أن هذا المعنى لا يتضمن أن الذين يسمون بهذا الاسم compatriote (المواطن) يحملون "جنسية" واحدة، إن لفظ "الجنسية" الذي نترجم به لفظ nationalitéهو مشتق من nation بمعنى أمة أو قومية، وليس من patrie بمعنى "وطن". ولهذا يقال مثلا للفرنسي أو الإنجليزي أو المغربي أو المصري الخ: "إن مُواطنك الذي رأيتُه معك أمس هو من جنسية لبنانية، أليس كذلك؟ ويأتي الجواب بنعم، أو بـ لا : "بل هو من جنسية يونانية"!
لفظ واحد غائب في هذه الجولة، أعنيcitoyen citizenالذي يعتقد بعض الناس أنه ما زال هو معنى "المواطن" في عصر العولمة! والكلام في هذا اللفظ ومشتقاته يحتاج إلى جولة خاصة به.
0 التعليقات:
إرسال تعليق