ثالثا ــ الأدوار اللازمة
ثالثا ــ الأدوار اللازمة لتفعيل الصيغة الأصيلة للمشاركة المتساوية
3.1 ــ دور الدولة و شركائها : إن دور الدولة ، ممثلة في القطاع الحكومي المعني ، لا يتوقف عند الإقرار بالتربية على المواطنة ، بل إن هذا الدور يتعدى ذلك إلى مهام أخرى يمكن تلخيصها في تهييئ البنية الفيزيقية و البيداغوجية المدرسية لتصبح قادرة على تيسير هذه التربية ، و من بين هذه المهام :
☻ على صعيد البنية الفيزيقية و القانونية للمدرسة .
• مواصلة الاهتمام بجمالية المدرسة و تحسين فضاءاتها ؛
• التدرج في تجديد الأثاث المكاني للأقسام ( الفصول ، الصفوف ) في معظم مؤسسات التربية و التعليم المدرسية الحالية بما يجعله مرنا ، متحركا ،، مع الحرص على أن يكون هذا الأثاث كلما تعلق الأمر ببناية مدرسية محدثة يتصف بهذه المرونة ، و ذلك للحد من ظاهرة جلوس التلامذة الواحد خلف الآخر، حيث كل واحد يستمر في النظر إلى قفا زميله و الجميع إلى المدرس طيلة العمر الدراسي ، الأمر الذي يتنافى بالتمام مع كفايات التربية على المواطنة و حقوق الإنسان التي تتطلب أن ينتظم المتمدرسون ، سواء في إطار حصص نظامية أوغير نظامية ، إما في شكل دائرة أو دوائرأو نصف دائرة أو في شكل حرف U؛
• إغلاق ما يسمى داخل مدارسنا بمستودعات اللوازم البيداغوجية و غيرها من المعينات ، و نقل هذه اللوازم إلى أمكنتها الطبيعية ألا و هي حجرات الدراسة التي من المفروض أن تكون بمثابة المشاغل الميدانية ، مع تحويل الصالح من تلك المستودعات إلى فضاءات لأنشطة مغايرة غالبا ما تشتد الحاجة اليومية إليها ؛
• الاعتراف بالشخصية القانونية للطفل ،و ذلك عن طريق تكييف القوانين و المذكرات التربوية الداخلية مع مقتضيات كل من القانون الجنائي المتعلق بالأحداث و بمصلحتهم الفضلى و مدونة الأسرة اللذين يعترفان للطفل ، متى بلغ سن 18 سنة ، بالرشد ، و هو ما يتطلب الكف عن مواصلة مطالبة هذه الفئة من متمدرسينا و متمدرساتنا بإحضار أولياء أمرهم إثر كل شبهة تسجل ضدهم .
☻على صعيد البنية البيداغوجية للمدرسة .
• إعداد مؤطرين ، مضاعفين ، في مجال البيداغوجيات الحديثة ، و خاصة منها البيداغوجيات ذات الصلة بالأنشطة التفاعلية التي بدون إشاعتها لن تعني التربية على المواطنة لدى المستهدفين بها سوى خطابا من جملة الخطابات المرتبطة بالاجتهاد في حفظها لأغراض تتعلق باجتياز الامتحانات ذات الصلة بنجاح ؛
• تكثيف الدورات التدريبية ، خلال آماد مدروسة و معقولة ، لفائدة مختلف هيئات التفتيش و التدريس و الإدارات التربوية ، على تلك البيداغوجيات و تقنياتها المفيدة في التربية على المواطنة و غيرها من التربيات القيمية ؛
• باستثناء الأحاديث المعرفية الأكاديمية القصيرة ، ذات الصلة بالأبعاد الثلاثة للمواطنة ( البعد القيمي الإنساني ، البعد التاريخي و البعد القانوني و السياسي ) ، استبعاد كل أشكال المحاضرات و غيرها أشكال الخطاب الإلقائي ، و بدل ذلك الحرص على أن يتم الاعتماد في هذه الدورات التدريبية على نفس تلك التقنيات المنهجية التي يكون من المطلوب من المدرسين و غيرهم من المنشطين أن يبدعوا في ابتكار ما يحاكيها و يغنيها،،،
3.2 ــ دور هيئة التدريس : بالنظر إلى أن المدرس هو الأكثر التصاقا بالتلامذة ، ففي انتظار أن ينال نصيبه من تلك التداريب ، يكون عليه أن يبادر إلى تحسين أدائه ، و ذلك عن طريق :
◊ ألا ينوب عن الأطفال الموضوعين رهن أدائه المهني سواء في الاقتراح أو في الإنجاز ؛
◊ أن يتخلى عن كثير من سلطاته و عاداته السابقة ، و أن يقبل إراديا بأن يتحول إلى مسهل يمهر تقنية لعب دور المنشط فيؤدي دوره و باقي تصرفاته و سلوكه بصفته عضوا و ليس كعالم أو كرئيس تراتبي .
◊ أن يعمل من أجل امتلاك أربعة فئات مبسطة من المعارف ( 1 ) هي :
1 ـ المعرفة : أي ؛
♦ تعرف و فهم و استيعاب المبادئ المدونة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و في غيره من الصكوك الدولية ذات الصلة ؛
♦ إدراك الفئات الأربعة من الحقوق التي ترصدها اتفاقية حقوق الطفل لكل الأفراد دون سن 18 سنة ، و هي المتمثلة في :
ـ الحق في الحياة : و يشمل الحق الأصيل للطفل على الدولة في أن تكفل له الاستمرار في الحياة إلى أقصى حد ممكن ، و في الصحة ، و في الشروط الكافية لهذه الحياة و من ضمنها الغذاء ، الماء ، و السكن ،،،
ـ الحق في التنمية ، و ينطبق على : ● حق الطفل في التربية عبر تمكينه من تعليم ابتدائي إلزامي و بالمجان و من تعدد في أشكال التعليم الثانوي العام أو المهني مع ضمانه بتدابير مناسبة مثل إدخال المجانية و تقديم المساعدة المالية عند الحاجة إليها ، و كذا عبر تمكينه بشتى الوسائل الممكنة من ولوج التعليم العالي مع الحرص على أن تتخذ في كل المراحل التعليمية جميع الإجراءات التي توفر للطفل المعلومات و المبادئ الإرشادية التربوية و المهنية و تشجعه على الحضور المنتظم في المدارس و تقلل من معدلات تركه للدراسة ( المادة 28 من اتفاقية حقوق الطفل ) . و ينطبق الحق في التنمية كذلك على ● الحق في الوصول إلى المعلومات و في التسلية و في التجوال، كما في الأنشطة الثقافية و في الحق في حرية التفكير و الضمير و الدين
ـ الحق في الحماية : و يعني حق الأطفال و الشباب المعاقين ذهنيا أو جسميا و غيرهم من اللاجئين بعيدا عن النزاعات المسلحة أو يعيشون في الشوارع ، في الحماية و الرعاية الضروريتين،،،
ـ الحق في المشاركة : و يقصد به حق الأطفال و الشباب في حرية التعبير عن الرأي تجاه القضايا التي تؤثر في وجودهم ،،،
♦ استكمال التكوين في ميدان علم نفس الطفل و علم النفس الاجتماعي ؛
2 ـ المعرفة للعمل : أي المعرفة عمليا بتقنيات التنشيط التفاعلي التي تشتهر من بينها و تعتبر أكثرها نجاعة و بساطة في التطبيق كل من ( 2 ) :
2.1 ــ الأسئلة التباعدية : إن المقصود ، هنا ، هو غير تلك الأسئلة المعلومة الموظفة بشكل يومي من قبل المكونين أو المدرسين و التي تلقى إما بغرض مراقبة القسم أو تكون بغرض اختبار المعرفة فتأتي طلباتها مغلقة لا تتوقع سوى إجابة صحيحة واحدة ، بل المقصود هو ، بالضبط ، تلك الأسئلة المفتوحة التباعدية المقترنة بالعلم القائم على المشاركة و التي تشجع الأطفال الصغار ، أو التلامذة أو الطلبة أو المتدربين الكبار، على تحليل و تركيب و تقييم المعلومات . إنها الأسئلة التي لا تنتظر من مجموعة القسم أو من المشاركين في حلقة تكوين إجابات بنعم أو لا ، و إنما تتوخى تسهيل و تنشيط عملية تبادل مفتوح للأفكار في نفس الوقت الذي يتعلم فيه هؤلاء المستفيدون بطريقة نشيطة . و من أمثلة ذلك :
♦ الأسئلة الافتراضية ، من قبيل : " ماذا يمكنك أن تفعل .../ تعتقد أن ... " و التي تساعد المشاركين على تصور الوضعيات و تنشط ردود الفعل ؛
♦ الأسئلة الباعثة على التأمل ، من نوع : " كيف يمكننا المساعدة على حل هذه المشكلة ؟ " ؛
♦ أسئلة التشجيع و الدعم ، كمثل : " هذا مهم ، لكن ، و بعد ؟ " و التي تعين على إبراز التجربة الشخصية للمستهدفين و وجهات نظرهم ؛
♦ أسئلة تفحص الآراء ، كما هو الحال في : " ما هو رأيك ... أو ، ما هو شعورك تجاه ... ؟ "، و هي أسئلة تدل أعضاء المجموعة على أن لآرائهم أهميتها اللائقة بها لدى المكون / المدرس / المنشط .
♦ أسئلة تدقيق النظر ، و منها : " لماذا تعتقد ذلك ؟ " و هي ، كلما طرحت بدون عنف ، تساعد أفراد المجموعة على تعميق رد الفعل و تفحصه ، و على تحليل الرأي و البرهنة عليه ؛
♦ أسئلة التلخيص الاستيضاحية ، من قبيل : " هل أنا على حق حين أقول بأنكم ترون بأن...؟"، بحيث من مزايا تلخيص المدرس أو المسهل لما قاله أحد المشاركين و إبدائه الرأي الرغبة في التحقق من مدى فهمه لذلك القول ، أنه يحفز الآخرين على التساؤل حول ما إذا كانوا يتفقون على ما يتم قوله.
♦ أسئلة تعيين نوع الاتفاق على نقطة معينة ، من قبيل : " هل أغلبنا متفق حول سبب ... ؟ " و هو الذي يمكن أن يثير مناقشة أو تدخلا في النهاية . أو من قبيل : " أ لا نكون بذلك قد أنهينا هذا الجزء؟"، و الذي يستخدم لتسهيل القبول بالانتقال إلى الموضوع الموالي .
و إلى ذلك ، فإن هذه الأسئلة توظف كذلك من أجل إثارة الاهتمام ، أو من أجل تحديد المستوى المعرفي للمشاركين أو لرصد تجربتهم السابقة بخصوص موضوع معين ، كما أنه كلما تذكر المنشط ( المكون / المدرس / المسهل ) الفائدة الكبرى من هزة من رأسه أو من ابتسامة منه بالمناسبة ، و من مجرد جلوسه في نفس مستوى المجموعة ، مع الحرص على تجنب طرح الأسئلة الإيحائية الموجهة لاقتراح الإجابة أو الأسئلة المفخخة ، و على تفادي إلقاء الكثير من الأسئلة في نفس الوقت ، أو وضع الأسئلة الغامضة أو الملتبسة ... كلما أمكنه استثارة و استحصال أجود الأجوبة و أغنى الاستجابات .
2.2 ــ عصف الذهن ( براين ستورمينغ ) ، و تعرف هذه التقنية بتسميات أخرى كإثارة الفكر ، و الزوبعة الذهنية ، و التداعي الحر للأفكار ، و التنقيب عن الأفكار ... إنها وسيلة قوامها التشجيع على الإبداعية و على الإنتاج المكثف و السريع لعدد كبير من الأفكار المبتكرة ذات الصلة بوضعية ما ، توظف من أجل :
♦ إيجاد حل لمشكلة ما . مثلا ، انطلاقا من حدث مصدره صراع بين الأفراد ، يطلب المنشط من المجموعة أن تجد كل الحلول غير العنيفة الممكنة في هذا الصدد ؛
♦ إدماج موضوع جديد ( مفهوم ، قضية ، تيمة ، قيمة ،،، ) ، حيث بمساعدة العصف الذهني يمكن معرفة كل التمثلات السابقة لدى الأفراد حول الموضوع . كما تعتبر هذه التقنية أداة جيدة لإثارة اهتمامهم و لاستطلاع و استجلاء ما يعرفونه أصلا في هذا الخصوص ؛
♦ القيام بتمرين سريع على الإبداعية . مثلا ، بمساعدة العصف الذهني ، يطلب المنشط من أفراد المجموعة أن يجدوا التتمات الممكنة لقصة أو حكاية غير مكتملة .
و تتم أجرأة هذه التقنية بأن :
♦ يصاغ الموضوع ، الذي من أجله وقع الاختيار على تنظيم العصف الذهني ، في شكل سؤال يستدعي تعددا في الإجابات المحتملة ، قد يكون مثلا هو : " بواسطة أية وسائل يمكننا تحقيق رفاهية مجتمعنا؟" ، على أساس أن يدون السؤال في مكان ، من السبورة أو أية حاملة أخرى ، يمكن الجميع من رؤيته ؛
♦ ينبه المنشط المشاركين إلى أنه خلال جلسة للعصف الذهني ، لا يمكنهم ، قبل النهاية ، التعليق أو إصدار الأحكام على الأفكار المقدمة من قبل الآخرين . كما لا داعي لأن يعاد ذكر نفس الأفكار المعروضة سابقا . و يحرص المنشط ( المكون / المدرس / المسهل ) أثناء الجلسة على تشجيع كل من المشاركين على الإدلاء بمساهمته ، لكن في حدود عدم الإجبار على التفكير في فكرة بعينها كي لا يؤدي ذلك إلى التكلف السلبي و إلى تثبيط الإبداعية . كما يحرص على عدم إظهار أفكاره الخاصة إلا إذا كان ذلك ضروريا لتشجيع المجموعة ؛
♦ يطلب المنشط من المشاركين أن يدلوا بأفكارهم في شكل كلمات أو جمل قصيرة ، فيدونها هو أو أحد المشارك(ات)ين بنفس الشرط السابق . و في حالة ما إذا كان هناك اقتراح غير مصاغ بشكل واضح يطلب من صاحبه أن يدققه أو يقوم المنشط باقتراح توضيح مع التأكد من أنهم متفقون معه . و في هذا السياق فإن الاقتراحات المبتكرة هي التي تكون الأكثر أهمية و الأكثر فائدة ؛
♦ يلجأ المنشط إلى مراجعة الاقتراحات المسجلة ، تباعا طالبا التعليق عليه ، و ذلك حالما يبدأ تداعي الأفكار لدى المجموعة في النفاذ . ثم يعمد ، أحيانا ، بعد انتهاء كل عصف للذهن إلى تصنيف الإنتاجات ( الاقتراحات أو الحلول ،، ) إلى فئاتها بناء على أولوية السؤال ، و إلى دعوة المشاركين إلى تعميق النقاش حولها .
للأستاذ الباحث : المصــطــفى صــــوليـــح
ثالثا ــ الأدوار اللازمة لتفعيل الصيغة الأصيلة للمشاركة المتساوية
3.1 ــ دور الدولة و شركائها : إن دور الدولة ، ممثلة في القطاع الحكومي المعني ، لا يتوقف عند الإقرار بالتربية على المواطنة ، بل إن هذا الدور يتعدى ذلك إلى مهام أخرى يمكن تلخيصها في تهييئ البنية الفيزيقية و البيداغوجية المدرسية لتصبح قادرة على تيسير هذه التربية ، و من بين هذه المهام :
☻ على صعيد البنية الفيزيقية و القانونية للمدرسة .
• مواصلة الاهتمام بجمالية المدرسة و تحسين فضاءاتها ؛
• التدرج في تجديد الأثاث المكاني للأقسام ( الفصول ، الصفوف ) في معظم مؤسسات التربية و التعليم المدرسية الحالية بما يجعله مرنا ، متحركا ،، مع الحرص على أن يكون هذا الأثاث كلما تعلق الأمر ببناية مدرسية محدثة يتصف بهذه المرونة ، و ذلك للحد من ظاهرة جلوس التلامذة الواحد خلف الآخر، حيث كل واحد يستمر في النظر إلى قفا زميله و الجميع إلى المدرس طيلة العمر الدراسي ، الأمر الذي يتنافى بالتمام مع كفايات التربية على المواطنة و حقوق الإنسان التي تتطلب أن ينتظم المتمدرسون ، سواء في إطار حصص نظامية أوغير نظامية ، إما في شكل دائرة أو دوائرأو نصف دائرة أو في شكل حرف U؛
• إغلاق ما يسمى داخل مدارسنا بمستودعات اللوازم البيداغوجية و غيرها من المعينات ، و نقل هذه اللوازم إلى أمكنتها الطبيعية ألا و هي حجرات الدراسة التي من المفروض أن تكون بمثابة المشاغل الميدانية ، مع تحويل الصالح من تلك المستودعات إلى فضاءات لأنشطة مغايرة غالبا ما تشتد الحاجة اليومية إليها ؛
• الاعتراف بالشخصية القانونية للطفل ،و ذلك عن طريق تكييف القوانين و المذكرات التربوية الداخلية مع مقتضيات كل من القانون الجنائي المتعلق بالأحداث و بمصلحتهم الفضلى و مدونة الأسرة اللذين يعترفان للطفل ، متى بلغ سن 18 سنة ، بالرشد ، و هو ما يتطلب الكف عن مواصلة مطالبة هذه الفئة من متمدرسينا و متمدرساتنا بإحضار أولياء أمرهم إثر كل شبهة تسجل ضدهم .
☻على صعيد البنية البيداغوجية للمدرسة .
• إعداد مؤطرين ، مضاعفين ، في مجال البيداغوجيات الحديثة ، و خاصة منها البيداغوجيات ذات الصلة بالأنشطة التفاعلية التي بدون إشاعتها لن تعني التربية على المواطنة لدى المستهدفين بها سوى خطابا من جملة الخطابات المرتبطة بالاجتهاد في حفظها لأغراض تتعلق باجتياز الامتحانات ذات الصلة بنجاح ؛
• تكثيف الدورات التدريبية ، خلال آماد مدروسة و معقولة ، لفائدة مختلف هيئات التفتيش و التدريس و الإدارات التربوية ، على تلك البيداغوجيات و تقنياتها المفيدة في التربية على المواطنة و غيرها من التربيات القيمية ؛
• باستثناء الأحاديث المعرفية الأكاديمية القصيرة ، ذات الصلة بالأبعاد الثلاثة للمواطنة ( البعد القيمي الإنساني ، البعد التاريخي و البعد القانوني و السياسي ) ، استبعاد كل أشكال المحاضرات و غيرها أشكال الخطاب الإلقائي ، و بدل ذلك الحرص على أن يتم الاعتماد في هذه الدورات التدريبية على نفس تلك التقنيات المنهجية التي يكون من المطلوب من المدرسين و غيرهم من المنشطين أن يبدعوا في ابتكار ما يحاكيها و يغنيها،،،
3.2 ــ دور هيئة التدريس : بالنظر إلى أن المدرس هو الأكثر التصاقا بالتلامذة ، ففي انتظار أن ينال نصيبه من تلك التداريب ، يكون عليه أن يبادر إلى تحسين أدائه ، و ذلك عن طريق :
◊ ألا ينوب عن الأطفال الموضوعين رهن أدائه المهني سواء في الاقتراح أو في الإنجاز ؛
◊ أن يتخلى عن كثير من سلطاته و عاداته السابقة ، و أن يقبل إراديا بأن يتحول إلى مسهل يمهر تقنية لعب دور المنشط فيؤدي دوره و باقي تصرفاته و سلوكه بصفته عضوا و ليس كعالم أو كرئيس تراتبي .
◊ أن يعمل من أجل امتلاك أربعة فئات مبسطة من المعارف ( 1 ) هي :
1 ـ المعرفة : أي ؛
♦ تعرف و فهم و استيعاب المبادئ المدونة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و في غيره من الصكوك الدولية ذات الصلة ؛
♦ إدراك الفئات الأربعة من الحقوق التي ترصدها اتفاقية حقوق الطفل لكل الأفراد دون سن 18 سنة ، و هي المتمثلة في :
ـ الحق في الحياة : و يشمل الحق الأصيل للطفل على الدولة في أن تكفل له الاستمرار في الحياة إلى أقصى حد ممكن ، و في الصحة ، و في الشروط الكافية لهذه الحياة و من ضمنها الغذاء ، الماء ، و السكن ،،،
ـ الحق في التنمية ، و ينطبق على : ● حق الطفل في التربية عبر تمكينه من تعليم ابتدائي إلزامي و بالمجان و من تعدد في أشكال التعليم الثانوي العام أو المهني مع ضمانه بتدابير مناسبة مثل إدخال المجانية و تقديم المساعدة المالية عند الحاجة إليها ، و كذا عبر تمكينه بشتى الوسائل الممكنة من ولوج التعليم العالي مع الحرص على أن تتخذ في كل المراحل التعليمية جميع الإجراءات التي توفر للطفل المعلومات و المبادئ الإرشادية التربوية و المهنية و تشجعه على الحضور المنتظم في المدارس و تقلل من معدلات تركه للدراسة ( المادة 28 من اتفاقية حقوق الطفل ) . و ينطبق الحق في التنمية كذلك على ● الحق في الوصول إلى المعلومات و في التسلية و في التجوال، كما في الأنشطة الثقافية و في الحق في حرية التفكير و الضمير و الدين
ـ الحق في الحماية : و يعني حق الأطفال و الشباب المعاقين ذهنيا أو جسميا و غيرهم من اللاجئين بعيدا عن النزاعات المسلحة أو يعيشون في الشوارع ، في الحماية و الرعاية الضروريتين،،،
ـ الحق في المشاركة : و يقصد به حق الأطفال و الشباب في حرية التعبير عن الرأي تجاه القضايا التي تؤثر في وجودهم ،،،
♦ استكمال التكوين في ميدان علم نفس الطفل و علم النفس الاجتماعي ؛
2 ـ المعرفة للعمل : أي المعرفة عمليا بتقنيات التنشيط التفاعلي التي تشتهر من بينها و تعتبر أكثرها نجاعة و بساطة في التطبيق كل من ( 2 ) :
2.1 ــ الأسئلة التباعدية : إن المقصود ، هنا ، هو غير تلك الأسئلة المعلومة الموظفة بشكل يومي من قبل المكونين أو المدرسين و التي تلقى إما بغرض مراقبة القسم أو تكون بغرض اختبار المعرفة فتأتي طلباتها مغلقة لا تتوقع سوى إجابة صحيحة واحدة ، بل المقصود هو ، بالضبط ، تلك الأسئلة المفتوحة التباعدية المقترنة بالعلم القائم على المشاركة و التي تشجع الأطفال الصغار ، أو التلامذة أو الطلبة أو المتدربين الكبار، على تحليل و تركيب و تقييم المعلومات . إنها الأسئلة التي لا تنتظر من مجموعة القسم أو من المشاركين في حلقة تكوين إجابات بنعم أو لا ، و إنما تتوخى تسهيل و تنشيط عملية تبادل مفتوح للأفكار في نفس الوقت الذي يتعلم فيه هؤلاء المستفيدون بطريقة نشيطة . و من أمثلة ذلك :
♦ الأسئلة الافتراضية ، من قبيل : " ماذا يمكنك أن تفعل .../ تعتقد أن ... " و التي تساعد المشاركين على تصور الوضعيات و تنشط ردود الفعل ؛
♦ الأسئلة الباعثة على التأمل ، من نوع : " كيف يمكننا المساعدة على حل هذه المشكلة ؟ " ؛
♦ أسئلة التشجيع و الدعم ، كمثل : " هذا مهم ، لكن ، و بعد ؟ " و التي تعين على إبراز التجربة الشخصية للمستهدفين و وجهات نظرهم ؛
♦ أسئلة تفحص الآراء ، كما هو الحال في : " ما هو رأيك ... أو ، ما هو شعورك تجاه ... ؟ "، و هي أسئلة تدل أعضاء المجموعة على أن لآرائهم أهميتها اللائقة بها لدى المكون / المدرس / المنشط .
♦ أسئلة تدقيق النظر ، و منها : " لماذا تعتقد ذلك ؟ " و هي ، كلما طرحت بدون عنف ، تساعد أفراد المجموعة على تعميق رد الفعل و تفحصه ، و على تحليل الرأي و البرهنة عليه ؛
♦ أسئلة التلخيص الاستيضاحية ، من قبيل : " هل أنا على حق حين أقول بأنكم ترون بأن...؟"، بحيث من مزايا تلخيص المدرس أو المسهل لما قاله أحد المشاركين و إبدائه الرأي الرغبة في التحقق من مدى فهمه لذلك القول ، أنه يحفز الآخرين على التساؤل حول ما إذا كانوا يتفقون على ما يتم قوله.
♦ أسئلة تعيين نوع الاتفاق على نقطة معينة ، من قبيل : " هل أغلبنا متفق حول سبب ... ؟ " و هو الذي يمكن أن يثير مناقشة أو تدخلا في النهاية . أو من قبيل : " أ لا نكون بذلك قد أنهينا هذا الجزء؟"، و الذي يستخدم لتسهيل القبول بالانتقال إلى الموضوع الموالي .
و إلى ذلك ، فإن هذه الأسئلة توظف كذلك من أجل إثارة الاهتمام ، أو من أجل تحديد المستوى المعرفي للمشاركين أو لرصد تجربتهم السابقة بخصوص موضوع معين ، كما أنه كلما تذكر المنشط ( المكون / المدرس / المسهل ) الفائدة الكبرى من هزة من رأسه أو من ابتسامة منه بالمناسبة ، و من مجرد جلوسه في نفس مستوى المجموعة ، مع الحرص على تجنب طرح الأسئلة الإيحائية الموجهة لاقتراح الإجابة أو الأسئلة المفخخة ، و على تفادي إلقاء الكثير من الأسئلة في نفس الوقت ، أو وضع الأسئلة الغامضة أو الملتبسة ... كلما أمكنه استثارة و استحصال أجود الأجوبة و أغنى الاستجابات .
2.2 ــ عصف الذهن ( براين ستورمينغ ) ، و تعرف هذه التقنية بتسميات أخرى كإثارة الفكر ، و الزوبعة الذهنية ، و التداعي الحر للأفكار ، و التنقيب عن الأفكار ... إنها وسيلة قوامها التشجيع على الإبداعية و على الإنتاج المكثف و السريع لعدد كبير من الأفكار المبتكرة ذات الصلة بوضعية ما ، توظف من أجل :
♦ إيجاد حل لمشكلة ما . مثلا ، انطلاقا من حدث مصدره صراع بين الأفراد ، يطلب المنشط من المجموعة أن تجد كل الحلول غير العنيفة الممكنة في هذا الصدد ؛
♦ إدماج موضوع جديد ( مفهوم ، قضية ، تيمة ، قيمة ،،، ) ، حيث بمساعدة العصف الذهني يمكن معرفة كل التمثلات السابقة لدى الأفراد حول الموضوع . كما تعتبر هذه التقنية أداة جيدة لإثارة اهتمامهم و لاستطلاع و استجلاء ما يعرفونه أصلا في هذا الخصوص ؛
♦ القيام بتمرين سريع على الإبداعية . مثلا ، بمساعدة العصف الذهني ، يطلب المنشط من أفراد المجموعة أن يجدوا التتمات الممكنة لقصة أو حكاية غير مكتملة .
و تتم أجرأة هذه التقنية بأن :
♦ يصاغ الموضوع ، الذي من أجله وقع الاختيار على تنظيم العصف الذهني ، في شكل سؤال يستدعي تعددا في الإجابات المحتملة ، قد يكون مثلا هو : " بواسطة أية وسائل يمكننا تحقيق رفاهية مجتمعنا؟" ، على أساس أن يدون السؤال في مكان ، من السبورة أو أية حاملة أخرى ، يمكن الجميع من رؤيته ؛
♦ ينبه المنشط المشاركين إلى أنه خلال جلسة للعصف الذهني ، لا يمكنهم ، قبل النهاية ، التعليق أو إصدار الأحكام على الأفكار المقدمة من قبل الآخرين . كما لا داعي لأن يعاد ذكر نفس الأفكار المعروضة سابقا . و يحرص المنشط ( المكون / المدرس / المسهل ) أثناء الجلسة على تشجيع كل من المشاركين على الإدلاء بمساهمته ، لكن في حدود عدم الإجبار على التفكير في فكرة بعينها كي لا يؤدي ذلك إلى التكلف السلبي و إلى تثبيط الإبداعية . كما يحرص على عدم إظهار أفكاره الخاصة إلا إذا كان ذلك ضروريا لتشجيع المجموعة ؛
♦ يطلب المنشط من المشاركين أن يدلوا بأفكارهم في شكل كلمات أو جمل قصيرة ، فيدونها هو أو أحد المشارك(ات)ين بنفس الشرط السابق . و في حالة ما إذا كان هناك اقتراح غير مصاغ بشكل واضح يطلب من صاحبه أن يدققه أو يقوم المنشط باقتراح توضيح مع التأكد من أنهم متفقون معه . و في هذا السياق فإن الاقتراحات المبتكرة هي التي تكون الأكثر أهمية و الأكثر فائدة ؛
♦ يلجأ المنشط إلى مراجعة الاقتراحات المسجلة ، تباعا طالبا التعليق عليه ، و ذلك حالما يبدأ تداعي الأفكار لدى المجموعة في النفاذ . ثم يعمد ، أحيانا ، بعد انتهاء كل عصف للذهن إلى تصنيف الإنتاجات ( الاقتراحات أو الحلول ،، ) إلى فئاتها بناء على أولوية السؤال ، و إلى دعوة المشاركين إلى تعميق النقاش حولها .
للأستاذ الباحث : المصــطــفى صــــوليـــح
0 التعليقات:
إرسال تعليق